رغم أن قطر تملك في العاصمة الأمريكية شبكة من العلاقات، كانت قد وظفت المليارات من الدولارات من أجل إنشائها قبل وبعد أزمتها مع الرباعي العربي، إلا أنها منيت بهزيمة قاسية، أثناء محاولاتها إنقاذ رجال نظام الملالي الإيراني، من العقوبات الأمريكية.
وخلال الأسابيع الأخيرة تواترت أنباء عن قائمة عقوبات أمريكية أولية تضمن 3 شخصيات عراقية، هم أبوجهاد الهاشمي مدير مكتب رئيس الوزراء، وهو الرجل الثاني في منظمة بدر بزعامة هادي العامري التي أسسها الإيرانيون في ثمانينات القرن الماضي لقتال الجيش العراقي خلال حرب الخليج الأولى، وخميس الخنجر زعيم المشروع العربي، وهو تجمع برلماني يضم 11 نائبا في مجلس النواب العراقي، وفالح الفياض رئيس هيئة الحشد الشعبي الذي يشغل أيضا منصب مستشار الأمن القومي في العراق.
وشهدت الأسابيع الثلاثة الماضية محاولات قطرية بطلب من رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي، لإخراج أسماء ثلاث شخصيات عراقية عميلة لنظام خامنئي من قائمة العقوبات الجديدة التي تعتزم واشنطن الإعلان عنها قريبا، لكن سياسي مقرب من رئيس الوزراء أكد أن المحاولات القطرية لإنقاذ الشخصيات العراقية من قائمة العقوبات الأمريكية باءت بالفشل، مؤكدا عزم واشنطن على إنهاء النفوذ الإيراني في العراق.
ويعرف عن الشخصيات الثلاثة قربهم من الحرس الثوري، ومن الإرهابي قاسم سليماني قائد فيلق القدس جناح الحرس الثوري الخارجي، لكن أبوجهاد هو الأقرب من إيران كونه من ضباط فيلق القدس العراقيين الذين يديرون العراق في الظل منذ عام ٢٠٠٣.
وقال السياسي العراقي المقرب من رئيس الوزراء، في تصريحات نشرتها "صحيفة العرب اللندنية" دون الكشف عن اسمه، إن "الشخصيات الأمريكية التي التقاها أبوجهاد في الدوحة وفي أوروبا برعاية قطرية أبلغته أن إخراج اسمه أمر مستحيل وأن إدارة الرئيس دونالد ترامب عازمة على إنهاء النفوذ الإيراني في العراق.
وأشار إلى أنه لن يكون آخر المسؤولين العراقيين، الذين ستدرج أسماؤهم على قائمة العقوبات، بل هناك قوائم عدة بأسماء شخصيات عراقية ستصدر قريبا وعلى مراحل متعددة، لافتا إلى أن أبوجهاد عبر عن استعداده للتعاون مع الأمريكيين في العراق لكن الجانب الأمريكي رفض طلبه.
ومحمد جهاد الهاشمي الملقب بـ"أبوجهاد" أو "أبوزين العابدين" قيادي في المجلس الأعلى الإسلامي الذي انضم إليه في إيران خلال ثمانينيات القرن الماضي، وتلقى تدريبات عسكرية ومخابراتية من قبل الحرس الثوري وفيلق القدس والاطلاعات، وأصبح ضمن ضباط فيلق القدس العراقيين الذين دخلوا العراق عام ٢٠٠٣ بعد سقوط نظام حزب البعث.
وإلى جانب توليه منصب مدير مكتب محمد باقر الحكيم زعيم المجلس الأعلى، ومن ثم مدير مكتب شقيقه عبدالعزيز الحكيم ومدير مكتب عمار الحكيم، تولى الهاشمي طيلة السنوات الماضية رئاسة اللجنة الاقتصادية في المجلس الأعلى ومسؤول الصفقات التجارية في المجلس.
وتمكن الهاشمي من جمع ثروة هائلة من خلال منصبه في قيادة المجلس الأعلى، إضافة إلى دوره في بيع المناصب الحكومية وحصوله على صفقات تجارية في عهد رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي زعيم حزب الدعوة الذي يرتبط معه بشراكات تجارية.
وبحسب معلومات دقيقة ينقل الهاشمي قسما من أمواله إلى نجله زين العابدين الذي يعيش في لندن ومنشغل بالتجارة والصفقات التي يرتبها له والده، فيما يودع القسم الآخر من أمواله في البنوك الإيرانية، إلى جانب امتلاكه استثمارات كبيرة في إيران ولبنان بالشراكة مع قاسم سليماني وعدد آخر من قادة الحرس الثوري ومليشيا حزب الله اللبنانية الإرهابية.
وبعد الانتخابات التشريعية التي شهدها العراق في مايو من العام الماضي ٢٠١٨ كُلف الهاشمي بمهمة جديدة من قبل قاسم سليماني، تمثلت بتشكيل الحكومة العراقية حسب أهواء نظام الملالي الإيراني، لذلك قاد المفاوضات التي تمخض عنها تشكيل الحكومة وتنصيب عادل عبدالمهدي على رأسها وتوليه هو منصب مدير مكتب رئيس الوزراء، لينافس بها عبدالمهدي في الكثير من صلاحياته بحيث يعتبر الهاشمي رئيس الوزراء الفعلي للعراق الذي نصبه سليماني ممثلا لإيران يدير الحكومة ويتحكم بالقرارات الصادرة منها كي تكون جميعها في إطار إبقاء العراق تحت سيطرة إيران الكاملة.
الخبير السياسي والاستراتيجي، علاء النشوع أشار بدوره إلى أن "قطر تواصل دورها التخريبي في العراق، لكن محاولاتها لن تنجح في ثني الإدارة الأمريكية عن إدراج أسماء رجال إيران على لائحة العقوبات التي تشير المعلومات إلى أنها تضم أكثر من ٣٦٧ شخصية عراقية من ضمنهم مديرون عامون في الوزارات".
وأضاف النشوع أن "قرار منع زعزعة استقرار العراق الصادر عن مجلس الشيوخ الأمريكي في يوليو الماضي سيقضي على النفوذ الإيراني في العراق بالكامل، لأن الشخصيات التي تدرجهم واشنطن على قائمة العقوبات الدولية هم أساس زعزعة استقرار العراق وفي مقدمتهم أبوجهاد الهاشمي وخميس الخنجر وفالح الفياض"، معتبرا سطوة القرار السياسي الأمريكي أقوى من القرار الإيراني في العراق حاليا.
واعتبر مراقبون للمشهد السياسي العراقي أن محاولات قطر لإنقاذ رجال إيران وعملائها من قائمة العقوبات الأمريكية تؤكد دور الدوحة في زعزعة استقرار العراق خلال السنوات الماضية من خلال دعمها لقادة المليشيات والمجاميع الإرهابية التي دمرت العراق وشعبه.
وكان الأمين العام لحزب الدعوة، رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي، اتهم قطر بزعزعة استقرار العراق وسوريا؛ بسبب ”أوهام توسعية“ قادتها للعزلة في محيطها الخليجي.
وتأتي تصريحات المالكي التي جاءت في بيان صادر عن مكتبه، إجابة على سؤال حول حديث لوزير الخارجية القطري مؤخرًا عن "تهميش تعرض له السنة في العراق خلال فترة تولي المالكي رئاسة الحكومة (2006 – 2014)".
وقال المالكي إن "قطر شجعت على الإرهاب ودعمته، وساعدت على التمرد أينما يحصل سواء في العراق أو سوريا، وعملت على تشكيل الخلايا الإرهابية، والمجاميع المسلحة لإسقاط النظامين العراقي والسوري تنفيذًا لتدخلاتها التوسعية".
وأضاف المالكي الذي يتزعم ائتلاف دولة القانون (25 مقعدًا في البرلمان) أن ”من ضللتهم قطر أدركوا أنهم أصحاب بلد أكبر من أن تلعب بورقتهم الدوحة، وأدركوا أنهم مضوا في الاتجاه المتعارض مع انتمائهم الوطني“.
وأشار المالكي إلى أن "الدوحة تتصور أنها دولة عظمى في المنطقة، وتريد تغيير الأنظمة ومعادلات الاستقرار والحكم في دول كبيرة في الشرق الأوسط، حتى أخذتها هذه السياسات والأوهام إلى العزلة والخلاف مع كل الدول العربية وبالذات دول مجلس التعاون الخليجي".
وفي تطور ليس بالجديد لكنه تأكيد على الدور الخفي الذي تمارسه قطر في العراق عبر استثمارات مشبوهة، كشف معارض عراقي عن تجسس قطري على جميع الاتصالات للمسؤولين العراقيين من خلال شركة الاتصالات القطرية "آسياسيل".
وقال عضو تيار الحكمة المعارض جاسم موحان البخاتي، في تصريحات نشرت خلال شهر يوليو الماضي، إن "سيرفرات اتصالات الهاتف النقال بالنسبة للمواطنين والسياسيين العراقيين، موجودة في دولة قطر وهذا بحد ذاته يعتبر خرقا امنيا ولا تستطيع الحكومة العراقية السيطرة عليه".
تصريحات البخاتي، حول مراقبة جميع الاتصالات للمسؤولين العراقيين الكبار من قبل قطر، سبق أن تم تناولها في تقارير سابقة.
وأشار إلى أن "لجنة الخدمات والأعمار النيابية طالبت وزير الاتصالات بأن يتم تشكيل لجنة اتصالات تمنح الرخصة الرابعة لغرض المنافسة والمشاركة في عمليات المعلوماتية وأن تكون سيرفرات الاتصالات ضمن المنظومة الوطنية العراقية".
وأكد "وزارة الاتصالات ولجنة الخدمات النيابية ستذهب باتجاه منح الرخصة الرابعة إلى شركة وطنية عراقية لتبني الاتصالات".