بإعلان مجلس الشورى الجزائري شغور منصب الرئيس، وتقديم عبد العزيز بوتفليقة استقالته من رئاسة الجمهورية التي قضي فيها 20 عامًا متصلة، بدأت الأحلام القطرية تعود للسطح من جديد عن طريق ذراعها التقليدي في البلدان العربية، المتمثل في جماعة الإخوان المسلمين بالجزائر.
ورصدت أجهزة استخبارات غربية دعما ماليا قدمته الدوحة للإسلاميين الجزائريين، وعلى رأسهم حركة الإخوان المسلمين هناك، كان آخرها اجتماع سياسي عقد في العاصمة الفرنسية باريس، تحملت نفقته بالكامل قناة المغاربية المدعومة من قطر.
وفي تقرير نشر موقع "مغرب إنتليجنس" كشف حجم المخططات القطرية التي تحاك لجر الجزائر للفوضى، والانقسامات الداخلية، من خلال أذرعها المتمثلة في حزب حركة مجتمع السلم، التابعة للإخوان المسلمين.
وقال التقرير إن قيادات إخوان الجزائر عقدوا اجتماعًا سريًا في باريس، بينما كانت المظاهرات على أشدها في الشوارع الجزائرية، خلال فبراير الماضي.
وقال الموقع إن معارضين جزائريين قضوا عطلتهم بباريس، وهم "كريم طابو رئيس الاتحاد الديمقراطي والاجتماعي، والناشطة السياسية، زبيدة عسول، وسفيان جيلالي رئيس حزب جيل جديد، ومحسن بلعباس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية الجزائري، وعلي بنواري الوزير المنتدب الأسبق للمالية"، إضافة إلى عشرات المعارضين والناشطين السياسيين الجزائريين شاركوا في لقاء باريس.
وأكد الموقع القريب من أجهزة الاستخبارات الفرنسية، أن اللقاء تحملت تكاليفه قناة المغاربية التابعة لنجل زعيم الجبهة الإسلامية للإنقاذ السابقة، عباسي مدني، والذي يعيش حاليا في قطر، مشيرا إلى أن القناة تتلقى تمويلا قطريا يقدر بحوالي مليوني يورو سنويًا.
ويعد عباس مدني هو الأب الروحي لجبهة الإنقاذ الإسلامية التي تبنت أفكار رجعية، ودعت الجزائريين لحمل السلاح في مواجهة الجيش إبان أعوام العشرية السوداء.
يشار إلى أن الحكومة الجزائرية أعلنت في أغسطس 2017، عن نيتها في إغلاق قناة المغاربية والتي تتلقى تمويلا من قطر بسبب دعمها للإرهاب والتنظيمات الإرهابية.
ووقتها خرج آلاف الجزائريين في تظاهرات مناشدين الحكومة الجزائرية، بإغلاق القنوات التي تمول من قطر، بسبب دعمها للإرهاب، وهجومها على الدول العربية، وإطلاق الدوحة لمخططات تخريبية بهدف إسقاط الدول العربية.
وبالعودة للموقع الفرنسي، أكد أن القناة الممولة من قبل تنظيم الحمدين الداعم للإرهاب تحملت تذاكر الطيران، وتكاليف الإقامة بالفنادق، وقاعات الاجتماعات، والعشاء، والمشروبات، وكل مصاريف الرحلة.
وتدافع قناة المغاربية بشكل واضح وعلني عن مواقف الجبهة الإسلامية للإنقاذ ومصالح قطر، وتمت دعوة هؤلاء المعارضين جميعا إلى الاحتفال بذكرى انطلاق القناة، في حفل شهدته الاستديوهات الباريسية لهذا التلفزيون الذي يعيش بدون أي موارد إعلانية.
وقال التقرير الفرنسي إن المعارضين الباريسيين يحلمون بدفع الشعب الجزائري إلى الانتفاضة كما في أكتوبر 1988، وهذا هو السيناريو الذي تم وضعه من قبل الواقفين وراء المغاربية، الراغبين في الانتقام، ووضع البلاد على طريق الانقسامات، كما عقد في التسعينيات من القرن الماضي، ومن غير المحتمل أن يخضع الجزائريون لهذا التخطيط المدمر.
وبالعودة لتاريخ العلاقة بين الإخوان المسلمين في الجزائر وتنظيم الحمدين فعلاقة التبيعة قديمة، فكانت أبواق إخوان الجزائر هي المدافع الأولى عن دعم قطر للإرهاب إبان إعلان دول الرباعي العربي "مصر والسعودية، والإمارات، والبحرين" مقاطعة قطر لدعمها الإرهاب.
وقتها شن رئيس حركة مجتمع السلم الجزائرية التابعة للإخوان المسلمين هجوما حاد على القرارات التي اتخذتها دول الرباعي، وحاول باستماتة الدفاع عن مصدر تمويل جماعته الأول في الدوحة.
التحركات القطرية في الجزائر ليست وليدة الأحداث الحالية، فكشفت تقارير استخبارتية نشرتها مجلة "جون أفريك" في عام 2013، وتناقلتها صحف جزائرية وقتها عن تورُّط قطر فى تمويل جماعات إسلامية مسلحة فى شمال مالى، وعلى رأسها جماعة أنصار الدين الإسلامية، وجماعة القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى، وحركة الاتحاد والجهاد فى غرب إفريقيا.
وذكر التقرير الذي قدمت نسخة منه لوزارة الدفاع الفرنسية وقتها، إن قطر تدعم الإرهاب فى شمال مالى، بغرض ضرب الاستقرار في دول المنطقة، من خلال تمويل وتسليح الجماعات الإسلامية المتمردة، واستخدامها في هز استقرار الدول الغنية بالبترول والغاز بهدف السيطرة على مواردها.
وقال التقرير إن الدوحة تسعى لتمويل الجماعات الإسلامية المتطرفة، بشكل لا ينفصل عن سعيها لضرب استقرار دول شمال أفريقيا، كما حدث في ليبيا وسوريا.
وقالت صحيفة "دى إن إيه" الجزائرية إن "أمراء وشيوخ قطر يموّلون الجماعات الإسلامية المسلّحة، لإعلان الخلافة الإسلامية على الحدود الجزائرية، لتتحول مالى إلى أفغانستان أخرى، وتخدم هذه المجموعات المخططات القطرية في شمال إفريقيا".
وفي وقت سابق من العام 2014 نشرت قناة الفجر الجزائرية، تقريرًا حول الدعم القطري للمعارضة الإسلامية في الجزائر، والذي قاده مفتي الدم يوسف القرضاوي وقتها والتقى في الدوحة بعدد من الشخصيات الإسلامية الجزائرية على رأسهم عباس مدنى ونجله، إضافة إلى رابح كير، حيث حثهم القرضاوى بكل وقاحة على ضرورة خلق موجة غضب في جنوب الجزائر.
وذكرت القناة أن القرضاوى قدم دعما لعباس مدني ونجله صاحب قناة المغاربية ببريطانيا بمبلغ مالى كبي،ر وكذلك رابح كير القيادى السابق في الإنقاذ الإسلامية الجزائرية، وكذلك أبو جرة سلطاني من قيادات حركة المجتمع الإسلامي في الجزائر.
فيما قالت الشروق الجزائرية إن الهدف القطري من ضرب وتقسيم الجزائر هو الغاز وضرب الاقتصاد، حيث إن أوروبا كلها سوف تتجه إلى الجزائر فى استيراد الغاز والطاقة وهذا سيجعل من الجزائر دولة اقتصادية كبيرة، وهو ما يخشاه نظام الحمدين.