تتصاعد التحركات البرلمانية في فرنسا، لمساءلة حكومة باريس، بشأن واقع الأموال القطرية المنتشرة في دولتهم، والآليات التي اتخذتها للوقوف على حقيقة هذه الاستثمارات ومصادرها المالية، في ظل دعم الحمدين للإرهاب.
ومع توارد الأنباء عن توجه فرنسا إلى خصخصة شركة "ادي بي" التي تتولى إدارة مطارات باريس لجهة أجنبية، انتشر جدل واسع في أروقة السياسة الفرنسية، خاصة أن هذه الأنباء تدور حول قطر.
وأشارت تقارير إخبارية إلى أن شركة فينسي التي تملك الدوحة نحو 51% من أسهمها، تعد من الأسماء المطروحة بقوة لشراء الشركة الفرنسية التي تتولى إدارة مطارات باريس.
مقترح خصخصة شركة "ادي بي" لاقى رفضا واسعا في صفوف المعارضة الفرنسية، فيما دعت أحزاب سياسية فرنسية بجميع أطيافها تنظيم استفتاء بهدف محاربة مشروع خصخصة مطارات باريس.
كما تصدرت القضية أغلفة الصحف على مدار أيام، حيث عنونت صحيفة "لوباريزيان": "هل يجب خصخصة مطارات باريس"، فيما دعت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسيين إلى "إغلاق الطريق أمام ذلك المقترح بالاستفتاء الشعبي".
ويأتي التحرك الفرنسي الغاضب، تزامنا مع الفضائح التي توالت حول إمارة قطر، بعدما مارست أنشطة متعلقة بالإرهاب وتمويل المتطرفين والمتشددين في فرنسا، حيث ما ورد في كتاب "أوراق قطر" عن ضلوعها في الهجمات التي شهدتها البلاد مؤخرا.
الغضب الفرنسي من التغلغل القطري في بلادهم، وصل إلى تقديم برلمانيين بطلب لعقد استفتاء شعبي منعا لخصخصة الشركة، الذي يشكل أحد أشكال السيادة الفرنسية لصالح دولة أجنبية، خاصة إذا كانت مشبوهة متهمة بتمويل الإرهاب مثل قطر.
وفي تقرير لها أبرزت صحيفة "لوجورنال دو ديمانش" الفرنسية"، وجهة نظر المعارضين الفرنسيين لقرار الحكومة، مؤكدين أن السبب الرئيسي لرفضهم سيطرة "مجموعة فينسي متعددة الجنسيات" على مطارات باريس، هو امتلاك قطر أكثر من نصف أسهمها.
كما أشار إلى أن فينسي المشاركة في بناء ملاعب تنظيم مباريات كأس العالم لكرة القدم في الدوحة المقررة في 2022، يدور حولها الجدل بسبب ظروف الانتهاكات بحق العمالة الوافدة، والتي وصفتها منظمات حقوقية بـ"العبودية".
وتحت عنوان "هذه الشركات الأجنبية" التي ترغب في الاستحواذ على شركة "ادي بي"، ذكرت صحيفة "لوجورنال دو ديمانش" الفرنسية قائمة بالشركات الأجنبية المتقدمة للاستحواذ على إدارة مطارات باريس على رأسها صندوق قطر السيادي "الاستثمارات القطرية".
وأوضحت الصحيفة أن ملف خصخصة شركة "ادي بي" التي تتولى إدارة مطارات باريس، فتح الشهية أمام الشركات القطرية، للتصارع على الاستحواذ عليها، على رأسها صندوق الاستثمارات القطرية، ومجموعة فينسي.
وفشل البرلمان الفرنسي في الحصول على القدر الكافي من الأصوات لوقف القرار؛ لكن البرلمانيين لا يزال يحدوهم الأمل لوقف تلك الخطوة باستفتاء شعبي بموجب قانون 2008، لمنع الخطر القطري من إلحاق الأذى بفرنسا.
ونقلت صحيفة "لوجورنال دو ديمانش" عن البرلماني الفرنسي جيلبير كولار، قوله: "قطر كما سعت لشراء مدرسة (ابن رشد) في ليل، تسعى أيضاً لشراء مطارات باريس".
وكان كولار قد تقدم بمشروع قرار للتحقيق في الوقائع التي ذكرها كتاب "أوراق قطر" بتمويل دولة أجنبية للمؤسسات الإسلامية والدعاية لصالح الإخوان، وصلة مؤسسات التمويل بتنظيمات إرهابية في سوريا، وضلوعها في هجمات إرهابية في بلاده، حيث طالب باتخاذ خطوات لوقف التمويل القطري في بلاده.
من جانبها، قالت البرلمانية كورالي ديلوم، التي أطلقت مبادرة مشتركة مع البرلماني ديفيد كايلا للاستفتاء على تلك الخطوة، إن "إجراء استفتاء بشأن خصخصة مطارات باريس هو الأمل الأخير في نقاش حقيقي حول هذا التدبير المتنازع عليه".
وأوضحت أنه "على الأقل سيسمح لمناقشة القرار حتى لو جاءت نتيجة الاستفتاء عكس إرادتنا"، حيث وقع على هذه المبادرة أكثر من 200 عضو من مجلسي النواب والشيوخ.
وأظهر استطلاع للرأي أجراه "هاريس انتر أكتيف"، لصالح محطة "إل.سي.إي"، أن 48% من الفرنسيين سيصوتون ضد خصخصة مطارات باريس حال طرحه للاستفتاء.
وتتواصل ردود الفعل الغاضبة في فرنسا، بعدما كشف كتاب أوراق قطر الصادر حديثا عن الصحفيان الفرنسيان كريستيان شيسنو وجورج مالبرونو، المكافآت السخية والتمويلات التي تقدمها عصابة الدوحة إلى المتطرفين والإسلاميين المثيرين للجدل، لتمويل مشاريع متعلقة غالبا بالإخوان المسلمين.
ودعا نواب فرنسيون في مذكرة رسمية إلى فتح تحقيق برلماني، حول ما أثاره الصحفيان الفرنسيان وبالوثائق الدامغة حول تمويلات مشبوهة تقوم بها دويلة قطر في الجمهورية الفرنسية، عبر منظمة قطر الخيرية.
وبعدما فضحت تقارير رقابية في فرنسا، المكافآت السخية والتمويلات التي تقدمها عصابة الدوحة إلى المتطرفين والإسلاميين المثيرين للجدل، وأبرزهم طارق رمضان، حفيد حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان الإرهابية، يبدو أن تميم العار بانتظار ضربة قوية قد يتلقاها من باريس.
إذ أشار المحلل الاقتصادي الفرنسي إيتان جوداغ، إلى أن التورط القطري الواضح في دعم حفيد مؤسس جماعة الإخوان في مصر، والمفكر الإسلامي السويسري المصري الأصل طارق رمضان، يعد جريمة بحسب القانون الفرنسي، مؤكدا أن حكومة باريس قد تفرض عقوبات صارمة على الإمارة الصغيرة.