دعت منظمات مجتمع مدني وأحزاب سياسية وأعداد من الجالية الصومالية بلندن إلى تنظيم مظاهرة، السبت، أمام سفارة قطر في لندن؛ احتجاجا على تدخلات الدوحة في شؤون مقديشو ودعمها للإرهاب والفساد بالبلاد.
وطالبت منظمة مجموعة الضغط الصومالية، في بيان لها الخميس، جميع الصوماليين إلى التظاهر أمام سفارة تنظيم الدوحة في لندن؛ رفضا لممارسات حكومة الدوحة في البلاد، ودعمها لفساد حكومة الرئيس محمد عبدالله فرماجو.
وكان الرئيس فرماجو قد التقى تميم العار بالدوحة، في زيارة هي الثالثة منذ انتخابه في فبراير عام 2017، ما يؤكد فشله في توجيه السياسة الصومالية بعيدا عن الحلف القطري التركي الإرهابي ومواصلة اعتماده على الدوحة لضمان بقائه في سدة الحكم.
ولم تحمل الزيارة أي جديد سوى تأكيد خروقاته وانتهاكاته لكل الأواصر والعلاقات التاريخية الراسخة للصومال مع كل من السعودية والإمارات وإعلان وقوفه خلف الحلف القطري التركي.
ووفق سياسيين صوماليين، فإن نظام الحمدين يسعى جاهدًا، عبر عملائه في مقديشو إلى تنفيذ مخططات تخريبية والقضاء على المعارضين لهيمنة الدوحة، ومن ثم تفتيت النظام الفيدرالي من أجل تقوية نفوذه في البلد الواقع شرق قارة أفريقيا.
كما أعلن حزب المسار الصحيح الصومالي المعارض، في بيان له، دعمه لتظاهرة السبت، داعيًا أبناء وطنه للمشاركة بفعالية للتنديد بالممارسات القطرية التي تقوض النظام في البلاد.
وقال الحزب إنه يؤمن بشدة أن قطر تلعب دورًا خطيرًا في تخريب الأوضاع في الصومال بدعمها للإرهاب وللفساد الذي سيقود لانهيار البلاد، مضيفًا: "الدوحة لا تزال تدعم الفساد في بلادنا بملايين الدولارات، ونحن نؤمن بضرورة الوقوف ضد الممارسات القطرية".
وفي تصريحات صحافية قال رئيس حزب المسار الصومالي، عبدالله محمدي، إن قطر تدعم الإرهاب والفساد عبر عملائها في الداخل، مؤكدًا أن عبث الدوحة بالبلاد بلغ حداً خطيراً عبر منح وأموال طائلة ورشاوى الغرض منها إفساد بعض المسؤولين الصوماليين لتنفيذ أجندتها.
وأكد أن الصوماليين المقيمين في لندن اتفقوا على فضح المخططات القطرية في بلادهم للعالم، لافتا إلى أن المظاهرة أمام سفارة الدوحة لدى لندن أولى الخطوات للتصدي لهذا التدخل في بلادهم.
ونهاية الشهر الماضي، روجت الدوحة أنها دعمت موازنة الصومال العامة للعام الجاري بـ 73 مليون ريال قطري "20 مليون دولار" عقب زيارة فرماجو إلى الدوحة.
لكن مصدر دبلوماسي كشف أن حديث قطر عن دعم ميزانية البلاد عارٍ من الصحة، مشيرا إلى أن نظام الحمدين قدم الأموال لفرماجو وعملائه؛ لتنفيذ مخطط التخريب ونشر الفوضى في الأقاليم المناوئة لمقديشو ولمخططات تنظيم الحمدين في الصومال.
وفي فبراير الماضي، كشفت "صحيفة صوم تريبون"، الواسعة الانتشار عن مخطط يقوده كل من فهد ياسين، مدير القصر الرئاسي ونائب رئيس جهاز المخابرات بالصومال لتقسيم الصومال، وخلق صراع في المناطق الشمالية لإنشاء دولة جديدة في منطقتي سول وساناغ بشمال البلاد، وإشعال الصراع القبلي فيها، وهو ما وصفته الصحيفة بأنه "سيشعل صراعا دمويا لا حدود له".
وقالت الصحيفة إن "قطر مولت جميع العملية بما يشمل تدريب العناصر الأمنية في تركيا، ودفع مرتبات لتلك المجموعات، لاتخاذ مواقف سياسية تدعم إشعال الصراع الدائر في المنطقة الحدودية المتوترة بين مقديشو، وأرض الصومال مع اتخاذ فرماجو إجراءات لوقف الحوار مع أرض الصومال".
كما كشفت الصحيفة عن مخطط ياسين وفرماجو لإقصاء جميع رؤساء الأقاليم المناوئين عبر عقد صفقات مشبوهة مع بعض المسؤولين في بعثة الاتحاد الأفريقي "أميصوم" للتغطية على الفوضى التي يتم إشعالها كجزء من مخطط للسيطرة على جميع الأقاليم وإفشال الحكم الفيدرالي لصالح أجندة تنظيم الحمدين القطري.
وفي أغسطس الماضي، عيّن الرئيس محمد عبدالله فرماجو، فهد ياسين مدير القصر الرئاسي ونائبا لرئيس جهاز المخابرات، خلفا للواء عبدالله عبدالله، وذلك في مرسوم رئاسي شمل عدة تغييرات في الجيش والمخابرات والشرطة.
يشار إلى أن ياسين الذي يشغل أعلى المناصب في الصومال بدأ حياته عضوا نشطا في جماعة "الاعتصام" السلفية الجهادية، ثم التحق بتنظيم الإخوان الإرهابي. كما أقام علاقات قوية مع يوسف القرضاوي، ليكون بعد ذلك وسيط التمويلات بين نظام الدوحة والجماعات الإرهابية في الصومال، قبل أن يصبح رئيسا لديوان الرئاسة في مقديشو في مايو 2017.
ويسعى تنظيم الحمدين بكل السبل للسيطرة على مفاصل الصومال، واستغلال انبطاح رئيسها فرماجو لتحقيق مخططه التخريبي في القارة الإفريقية وتحويل مقديشو إلى مركز لوجيستي لنشر التطرف بالقارة السمراء، إذ تجاهلت عصابة الدوحة مؤخرا الحظر الدولي المفروض على تسليح الجيش في الصومال، وسلمت الجيش الصومالي 68 مدرعة.
ففي 15 يناير الماضي، وصل وفد عسكري يترأسه محمود الغزالي إلى العاصمة مقديشو، بهدف تسليم القوات المسلحة القطرية 68 آلية مدرعة للجيش الصومالي، ومناقشة دعم تدريب القوات الصومالية، كما وصلت الآليات العسكرية إلى الصومال بتاريخ 17 يناير 2019، حيث حضر حفل التسليم كل من وزير الدفاع الصومالي حسن علي محمد، وقائد الجيش اللواء طاهر آدم علمي.
ووفق تقارير عسكرية، تعتبر الآليات المقدمة من قطر "تركية الصنع" وهي قديمة ومستعملة من قبل القوات القطرية والتركية المتمركزة في قاعدة الريان بقطر، كما تعتبر غير صالحة لتأدية المهام الأمنية المطلوبة.
ويتزامن الدعم القطري مع استمرار عقوبات حظر السلاح التي فرضتها الأمم المتحدة على الصومال في عام 1992، كما لا توجد اتفاقية تعاون عسكري بين البلدين مصادق عليها من قبل البرلمان الصومالي.
هذا الطموح القطري في السيطرة على الصومال، يقابله ارتماء فرماجو في أحضان الحمدين، مما يسهل من تنفيذ أجندتها المشبوهة في بلاده، حيث سافر إلى الدوحة؛ بحثا عن الدعم المادي لإنقاذ ميزانيته المنهارة وتحقيق رغبته في تأسيس حزب سياسي جديد يخوض به الانتخابات المقرر إجراؤها العام المقبل.
ورغم إعلان قطر أن تسلم المدرعات القديمة تهدف إلى استقرار مؤسسات الدولة ومواجهة الجماعات المسلحة، لكن هناك أهداف خفية وراء هذا السخاء القطري، يتمثل في تسليح قوات خاصة لتأمين العاصمة مقديشو والتي تحمل اسم قوات "الدفاع الشعبي"، والمعنية بالقيام بمهمات أمنية مشبوهة تستهدف المعارضين للحكومة الصومالية "أكثر من استهدفها لحركة الشباب"، حيث تمول قطر تلك القوات عن طريق نائب مدير جهاز المخابرات الصومالي "فهد ياسين".
كما تسعى عصابة الدوحة في الخفاء إلى تأمين حليفها رئيس الصومال "محمد عبدالله فرماجو" والقيادات المقربة من قطر، تخوفا من هجمات محتملة ضدهم في الآونة الأخيرة.
ويأمل تميم العار وسيده سلطان الأوهام التركي إدوغان زيادة السيطرة القطرية والتركية على القطاع الأمني في الصومال، ومحاولة التسريع في انسحاب قوات الاتحاد الإفريقي "أميصوم" من الصومال، والتمويه بجاهزية القوات الصومالية لاستلام مهام الأمن.
تنظيم الحمدين عمل أيضا من خلال منحة المدرعات العسكرية إلى تسهيل حصول قطر على معسكر قديم للجيش الصومالي يقع في شمال مقديشو لبنائه كقاعدة عسكرية، حيث اتفق تميم مع سيده التركي إردوغان على أن تقوم شركة تشييد ومقاولات عسكرية تركية "بيتزان" ببناء القاعدة.
على الجانب الآخر، يعمل أمير الإرهاب تميم بن حمد على تفعيل الرشاوى لنظام فرماجو للتأكيد على تبعيته للدوحة وغض الطرف عن أعماله التخريبية في البلد الإفريقي، حيث أعلن تميم عن دعم موازنة الحكومة الصومالية للعام الحالي 2019 بمبلغ 73 مليون ريال قطري.
ويبدو أن قطر بهذه الخطوة المشبوهة تسعى للسيطرة على الجيش الصومالي كجزء من استراتيجيتها لتحويل البلد الإفريقي مرتعًا للجماعات المتطرفة، لذلك بدأت بالسيطرة على جهاز الأمن والمخابرات الصومالي تمهيدًا لتلك الخطوة القذرة.
كما يسعى المخطط القطري إلى خلق جيش صومالي موازٍ يعمل لصالح حماية عرش الإرهاب القطري، مضيفاً أن الدوحة تسعى أيضا للسيطرة على السواحل الصومالية وبناء قواعد بحرية لبيع وتهريب السلاح إلى الجماعات الإرهابية، مثل حركة الشباب ومنها إلى أفريقيا.
فالمساعدات والمنح العسكرية القطرية هي مجرد غطاء لإخفاء استراتيجية الدوحة الخفية، التي تتمثل في نشر الإرهاب في الصومال، وإفشال أي جهود دولية لمساعدة البلاد.
وتزامنا مع زيارة فرماجو، شهد الصومال خلال الأسبوع الماضي، سلسلة انفجارات جديدة، حيث نفذت حركة الشباب الإرهابية، مساء أمس الخميس، تفجيرا انتحاريا في العاصمة مقديشو، أسفر عن مقتل 10 أشخاص على الأقل وإصابة 20 آخرين، وتدمير عدة مبانٍ في أكثر الشوارع ازدحاما بالمدينة.
كما شهد الصومال أيضا، خلال الأسبوع الماضي، بوادر أزمة جديدة بدأت تلوح في الأفق بين الرئيس الصومالي ومكتب البعثة الأممية في مقديشو، رغم أن أزمة طرد المبعوث الأممي نيكولاس هاميسوم من البلاد لم تنتهِ تبعاتها.
ممارسات حكومة فرماجو مع الأمم المتحدة وعرقلتها لجهودها الإنسانية في الصومال قد تؤدي إلى تقليص الدعم الإنساني وهو ما سيتضرر منه الشعب الصومالي، ما يفتح الباب أمام المنظمات القطرية لتحل محل الأمم المتحدة، ويعزز تواجدها لتنفيذ ونشر أجندة الحلف القطري التركي.