مع اقتراب الميليشيات القطرية في ليبيا من السقوط، وفشل محاولات تميم العار لتوحيد صفوف أتابعه في طرابلس، لجأت أبواق الحمدين إلى حرب الشائعات والأكاذيب لتفادي انهيار آخر أوكاره.
ففي الوقت الذي أكد فيه الناطق باسم الجيش الليبي أحمد المسماري، أن قوات الجيش الوطني لم تحسم قرار دخول العاصمة طرابلس، روجت وسائل إعلام قطرية وأخرى محلية مرتبطة بجماعة "الإخوان" تقارير عن خطة لقوات حفتر لدخول العاصمة طرابلس.
وكان الجيش الوطني الليبي أطلق في يناير الماضي، "عملية الجنوب" التي استطاع من خلالها استعادة السيطرة على حقل الشرارة، الذي يعد الأكبر في البلاد والواقع في عمق صحراء جنوب ليبيا، فضلا عن تحرير مدينة سبها.
ويتمركز الجيش الوطني الذي يقوده الجنرال خليفة حفتر في شرق البلاد، وتمكن من استعادة السيطرة على غالبية المناطق الليبية التي تشهد فوضى وانتشار تنظيمات مثل "القاعدة" و"داعش" والعصابات العابرة للحدود التي تعمل في أنشطة التهريب والاتجار بالبشر وأنشطة الهجرة غير الشرعية، وكانت آخر هذه الحملات في جنوب البلاد الذي أعلن الجيش السيطرة عليه بالكامل الأسبوع الماضي.
تميم العار أمر أبواقه الإعلامية بالترويج لتغلغل قوات حفتر في مدن طرابلس، إذ نشرت مواقع إلكترونية موالية لقطر بينها "العربي الجديد"، و"القدس العربي" تقارير تشير إلى أن قوات الجيش الوطني تغلغلت في مدن تتبع لطرابلس بعد تلقيها إشارة خضراء من مواطني طرابلس الذين تظاهروا في مطلع مارس الجاري، معلنين تأييدهم للمشير حفتر الذي وصفه موقع "العربي الجديد" باللواء المتقاعد.
كما نشرت مواقع محلية تصريحات منسوبة إلى الميليشيات العسكرية في طرابلس "قوة حماية طرابلس" تستنكر فيها العملية العسكرية لقوات الجيش لاستعادة السيطرة على مدن ومعابر الجنوب الليبي.
و"قوة حماية طرابلس" التي تم الإعلان عنها في ديسمبر الماضي، هي تحالف ميليشيات عسكرية في طرابلس يشمل "قوة الردع الخاصة" و"كتيبة ثوار طرابلس" و"كتيبة النواصي" و"الأمن المركزي أبوسليم"، وتشير التقارير إلى أن هذه الميليشيات تدعمها قطر.
تدعم الميليشيات المتمركزة في طرابلس والمدعومة من قطر، المجلس الرئاسي في العاصمة برئاسة فايز السراج الذي يواجه اتهامات بدعم عناصر "الإخوان" لتولي مناصب في حكومة الوفاق الوطني.
وعلى رغم انتشار هذه الميليشيات في طرابلس، إلا أنها لم تتمكن من حماية العاصمة ومسؤولي حكومة السراج، إذ شهدت طرابلس عددا من الاعتداءات الإرهابية آخرها هجوم انتحاري مزدوج يحمل بصمات "داعش" بمقر وزارة الخارجية التابعة لحكومة الوفاق بالعاصمة قتل فيه 3 أشخاص وجرح 21 آخرون.
وواصل تنظيم الحمدين استماتته في الدفاع عن آخر معاقله في ليبيا، بعدما أمر ميليشياته المتمركزة في العاصمة بدعم حكومة الإخواني فايز السراج، كما حاول فرض سيطرته ببث الخوف بين الليبيين من خلال العمليات الإرهابية، لكن أبناء العاصمة الليبية وجهوا صفعة أخرست أبواق الفتنة القطرية، بعدما خرجوا لتأييد المشير خليفة حفتر في خطواته للتخلص من شياطين قطر.
وتزامنا مع هذه الشائعات، أثارت الزيارات المتكررة لقيادات تنظيم الإخوان في ليبيا إلى قطر وتركيا، خلال الفترة الأخيرة، مخاوف جدية من مخطط قطري تركي لإرباك المشهد السياسي الليبي وتغذية الصراعات، بهدف إجهاض الحلول السياسية وتعطيل الانتخابات المرتقبة.
وأجرى رئيس مجلس الدولة الاستشاري القيادي في حزب العدالة والبناء الذراع السياسي لجماعة الإخوان، خالد المشري زيارة إلى قطر يوم الأحد الماضي، التقى خلالها وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، في العاصمة الدوحة في زيارة استمرت يومين.
وسبق لقاء الدوحة، اجتماع آخر لقيادات إخوانية ليبية في فندق تابع لجهاز الاستخبارات التركية، في مدينة إسطنبول، ناقش مخطط الإخوان في المرحلة المقبلة، وسط مخاوف من دعم أنقرة للميليشيات بالأسلحة لإرباك المشهد العام، خاصة في العاصمة طرابلس.
وكانت مصادر ليبية كشفت الشهر الماضي، عن لقاء جمع قيادات إخوانية ليبية في العاصمة القطرية الدوحة، وذلك في أعقاب الانتصارات التي حققها الجيش الوطني الليبي في جنوب البلاد.
ورجحت المصادر، أن يكون الهدف من الاجتماعات هو "العمل على إطلاق حملة ممنهجة ضد الجيش، عبر التخطيط لعمليات إرهابية والتصعيد ميدانيًّا من خلال تحريض الميليشيات المسلحة على استهداف الجيش الليبي".
كما دعا نشطاء حقوقيون، المجلس الدولي لحقوق الإنسان إلى تشكيل لجنة دولية للتحقيق في انتهاك قطر للسيادة الليبية، ومحاولاتها العبث باستقرار وأمن الدولة الواقعة في شمال إفريقيا، عبر دعم التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها ميليشيا الإخوان.
وأكد الحقوقيون المصريون أن "دعم قطر للتنظيمات الإرهابية لم يقتصر على ليبيا فقط، بل يمتد لمصر وغيرها من دول المنطقة، ما يعد خرقاً لاستراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، والصادرة عام 2006، التي تنص على التزام قادة العالم بعدم التدخل في سيادة الدول، واحترام سلامتها الإقليمية واستقلالها السياسي، والامتناع عن تمويل ودعم الجماعات الإرهابية والمسلحة".