فضح تقرير أممي انتهاكات تنظيم الحمدين المتطرف بحق شعبه، كاشفا عن السجل الحقوقي الأسود لعصابة آل ثاني، والتي لم يسلم منه كبار السن أو النساء، إضافة لممارسات عدائية ممنهجة بحق المجنسين القطريين.
وقال التقرير الصادر عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، إن معاملة المحاكم القطرية للمواطنين والأجانب "تختلف" حسب جنسية الشخص أو مركزه الاقتصادي أو المهني، وأن قانون الجنسية القطري رقم (38) لسنة 2005 ينص على أن الأشخاص المتجنسين يتمتعون "بحماية أقل".
الفضائح القطرية كشفت خلال أعمال الدورة الثالثة الثلاثين للمفوضية، والتي تستمر خلال الفترة من 7 إلى 17 مايو الحالي بجنيف.
وأضاف التقرير أن التصور السائد لدى الأجانب في قطر هو أن المحاكم لا تعامل المواطنين القطريين على قدم المساواة، كما أن الأجانب كذلك لا يُعاملون على قدم المساواة، وأن المعاملة قد تختلف حسب جنسية الشخص أو مركزه الاقتصادي أو المهني في البلاد.
وعلى الرغم من أن الدستور القطري ينص على أن جميع المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات بحسب المادة 34، وكذلك ينص على أن الناس متساوون أمام القانون، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس، أو الأصل، أو اللغة، أو الدين بحسب المادة 35، إلا أن المادة 12 من قانون الجنسية القطري رقم (38) لسنة 2005 تؤكد أن الأشخاص المتجنسين يتمتعون "بحماية أقل" من نظرائهم سكان البلد الأصليين، حيث يمكن أن تُسحب الجنسية القطرية منهم في أي وقت بمجرد اقتراح من وزير الداخلية.
ووفقا لأحكام قانون الجنسية (المادة 16)، هناك "عدم مساواة" بين المواطنين من أصول قطرية والمواطنين بالتجنس، فلا يتمتع القطريون المتجنسون بالحقوق السياسية نفسها التي يتمتع بها المواطنون من أصل قطري، فمهما كان طول فترة المواطنين المتجنسين، فإنه لا يمكنهم الانتخاب أو الترشيح أو التعيين في أي هيئة تشريعية.
لم يكتف تنظيم الحمدين في التفرقة بين الناس على أساس موطنهم وأعمالهم، فالتقرير يشير إلى انتهاكات ممنهجة تمارس بحق النساء القطريات، مؤكدا أن الإمارة الخليجية تمارس تمييز بين الرجل والمرأة في شأن منح الجنسية للأبناء.
وأكد التقرير أن هذه القضية لا تزال إحدى أهم الإشكاليات التي تواجه "الحق في المساواة" في الحقوق والواجبات المنصوص عليه في الدستور القطري، وما يترتب على ذلك التمييز من معاناة المواطنات القطريات في تعليم أبنائهن ورعايتهن صحيًا وحصولهن على فرص عمل، مقارنة بما يتمتع به أبناء مواطني دول "مجلس التعاون الخليجي" بحقوق تزيد على تلك التي يتمتع بها أبناء القطريات، ومقارنة بـ"مجهولي الأبوين" الذين يتمتعون بالجنسية القطرية.
وحسب التقرير تعاني المرأة كل أشكال التمييز في القانون والواقع الفعلي في قطر، ولا تزال قوانين الأحوال الشخصية تتضمن تمييزاً ضد المرأة فيما يتعلق بالزواج والطلاق والميراث وحضانة الأطفال والجنسية وحرية التنقل.
وعلى الرغم من الموافقة الرسمية على مسودة قانون يمنح حق الإقامة الدائمة لأطفال النساء القطريات المتزوجات من رجال غير قطريين، فقد استمر التمييز فيما يتعلق بنقل الجنسية والمواطنة إلى أطفالهن.
وإضافة لما سبق تمتلك الدوحة سجلا حافلا من الانتهاكات لحقوق الإنسان، تبرز ملامحه مجتمعياً بسحب جنسية أكثر من 6 آلاف قطري وحرمان من سحبت جنسياتهم من الحقوق الأساسية.
ووفق التقرير، فإن هناك بين 1200 و1500 شخص عديمو الجنسية في قطر، يُطلق عليهم اسم "البدون"، وهم يواجهون تمييزا بالغا، بما في ذلك الحرمان من العمل بشكل قانوني، أو التسجيل للحصول على الخدمات العامة الصحية والتعليمية.
ولم ينسى التقرير وضع العمال المتأزم في دوحة الخراب، بعد مقتل مئات العمال في أعمال تجهيزات مونديال الدم القطري بسبب سوء الأوضاع المعيشية، فضلاً عن تكدس أعداد كبيرة في "سجن الإبعاد" دون مسوغ قانوني وسط ظروف سيئة وغير إنسانية، وفقا للتقرير.
ويواجه العمال الوافدون المشاركون في أعمال بناء ملاعب كأس العالم 2022 انتهاكات لا تنقطع تمثل صفحة شديدة السواد في سجل قطر الحقوقي، في ظل عدم اتخاذ إجراءات فعلية تحفظ لهم حقوقهم.
وهناك عمال من بلاد مختلفة؛ منها نيبال والهند والفلبين وغيرها، جميعهم يعملون في ظروف غير إنسانية لتحقيق حلم "نظام الحمدين" في تنظيم مونديال 2022، فهم عادة ما يعملون تحت وهج الشمس في درجة حرارة شديدة وأجورهم نحو 6 دولارات يوميا.
كما تُواصل السلطات القطرية تجاهل المطالب العالمية والقوانين الدولية فيما يخص تعاملها مع العمالة الأجنبية على أراضيها، التي تشكو أوضاعا معيشية وخدمية وصحية قاسية، لا سيما آلاف منها تستغلهم الدوحة في بناء منشآتها الرياضية استعدادًا لمونديال كرة القدم 2022.
ولفت التقرير الأممي إلى أن إحدى المنظمات الحقوقية أوصت بأن تفصل قطر - بوضوح- بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، حيث أن 35 عضوا من أعضاء مجلس الشورى الحالي مُعينون من قبل الأمير.
وحسب التقرير، استمرت السلطات القطرية في فرض قيود على الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات والانضمام إليها، ولا تتماشى هذه القيود مع القوانين والمعايير الدولية، فلم تسمح السلطات بوجود أحزاب سياسية مستقلة، كما لم تسمح بتشكيل جمعيات عمالية إلا للمواطنين القطريين في حالة الإيفاء بمعايير صارمة.
وانتقد تقرير المفوضية استمرار العمل بالقوانين التي تجرِّم حرية التعبير الذي تعده السلطات "مسيئاً لأمير البلاد".
وخلص التقرير إلى القول: "نحن، أمام دولة تمارس التمييز العنصري وتهدر مبدأ المساواة بين مواطنيها، وتعترف الأمم المتحدة وهيئاتها بأن هذه الممارسات البغيضة تجري في ظل غطاء شرعي من القانون الوطني القطري، بما في اللجنة القطرية الوطنية الحكومية المعنية بحقوق الإنسان، الأمر الذي لم تستطع معه مفوضية الأمم المتحدة السامية حقوق الإنسان غض الطرف عن تلك الممارسات التمييزية بحق النساء والأطفال في قطر".
ومن جانبها، أعربت كل من "المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا وأوروبا"، و"المنظمة الأفريقية لثقافة حقوق الإنسان"، و"الرابطة الخليجية للحقوق والحريات"، عن تأييدها لهذه المواقف بشأن انتهاكات حقوق الإنسان القطري، بناءً على ذلك التقرير الأممي الرسمي الموثق الذي يفضح ممارسات النظام القطري في حق مواطنيه وفي حق الأجانب، على حد سواء، مؤكدة أن أوضاع حقوق الإنسان في الإمارة باتت "بالغة السوء"، خاصة في ظل الانتهاك المستمر لحقوق المرأة بوجه خاص، ولحقوق جموع القطريين عامة.