شقيق تميم مَدين بمليون إسترليني لكبار مدربي الخيول البريطانيين

  • جوعان بن حمد

بعد يومٍ واحدٍ من تصدر قطر عناوين الصحف البريطانية الكبرى باعتبارها مخبأً فر إليه وزير النقل المُهدد بالخروج من منصبه بعدما أثار غضب الرأي العام إثر رفعه أسعار تذاكر القطارات بنسبة كبيرة، عاد اسم هذا البلد - المنبوذ خليجياً وعربياً - ليصبح محوراً لفضيحة مختلفة كشفت عنها صحيفة "التايمز" النقاب هذه المرة.

ففي تقريرٍ حصري نشرته الصحيفة - ذات توجهات يمين الوسط - أُميط اللثام عن أن الشيخ جوعان بن حمد آل ثاني - وهو شقيق أمير قطر الحالي تميم - مَدينٌ بأكثر من مليون جنيه إسترليني (ما يزيد على مليون و350 ألف دولار) لعدد من كبار مدربي الخيول في بريطانيا وأوروبا.

وأشار التقرير، الذي أعده مارك سوستر الصحفي المتخصص في أنباء الفروسية وسباقات الخيل، إلى أن هذه الديون عبارة عن مستحقاتٍ متأخرة لأولئك المدربين المخضرمين، وذلك نظير الجهود التي قاموا بها لحساب مركز "الشقب" للفروسية، التابع لمؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، التي أسسها والد الحاكم الحالي لقطر في عام 1995. وألمحت الصحيفة إلى أن تأخر الوفاء بهذه الأموال، يسبب في الوقت الحاضر أزمةً في عالم الفروسية في بريطانيا. وقالت في هذا الشأن إنه "حتى الاسطبلات الكبيرة تشعر بوطأة الأزمة (الناجمة عن ذلك)، أما (أصحاب) الاسطبلات الأصغر حجما، وغيرهم من موردي الخدمات (الخاصة بسباقات الخيول)، فيعانون حقاً كما يُقال".

وكشف تقرير "التايمز" عن أن بعض هذه المتأخرات كانت مُستحقةً منذ ما يزيد على ستة أشهر، وهو ما يبدو مفاجئاً في ضوء تباهي النظام القطري المستمر بثرائه وموارده المالية الضخمة.

ويبدو أن توقف سداد هذه المستحقات تزامن مع اتخاذ الدول العربية الأربع الداعمة لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات ومصر والبحرين) إجراءاتها الصارمة ضد حكام الدوحة، في مسعى لإجبارهم على التخلي عن سياساتهم المُزعزعة للاستقرار، والكف عن دعم التنظيمات الإرهابية وتوفير الملاذ لدعاة العنف والكراهية، فضلاً عن إقامة علاقاتٍ مشبوهة مع نظام الملالي في طهران.

ويشير هذا التزامن إلى أن التَبِعات الاقتصادية لتلك التدابير الحازمة، ربما أرغمت الأسرة الحاكمة في قطر على التوقف عن سداد بعض الأموال المستحقة عليها، بسبب اضطرارها لتخصيصها لأغراضٍ أخرى.

وأطلعت "التايمز" - على ما يبدو - على بعض الإيصالات التي يحتفظ بها المدربون المتضررون، والتي قالت إن عدداً منها حُرِرَ في مايو الماضي، أي قبل فرض "الرباعي العربي" مقاطعته للنظام القطري بأسابيع قليلة. وفي تصريحاتٍ لافتة، قال أحد هؤلاء المدربين للصحيفة إن القطريين "موصومون دائماً بأنهم يسددون (ما عليهم من أموال) ببطء، ولكن الوضع الآن بات يتسم بالسخف على نحوٍ متزايد".

ومع أن المدرب أعرب عن ثقته في أنه سيحصل على مستحقاته في نهاية المطاف، فإنه اتهم الجانب القطري بأنه "سيئ التنظيم على ما يبدو"، كما اعتبر أن المسؤولين القطريين لا يكترثون البتة بالمدربين الذين عملوا لحسابهم، قائلاً "نحن في ذيل قائمة أولوياتهم"، ولم يتردد الرجل في الربط بشكلٍ مباشر بين تأخر دفع المستحقات المالية، والعزلة الشديدة المفروضة على النظام القطري في الوقت الراهن، قائلاً إن تعثر القطريين في السداد يثير قلقاً أكبر في الفترة الحالية "نظراً لوجود بعدٍ سياسي إضافي" للمسألة، وهو ما يشير فيه بوضوح إلى الأزمة القطرية التي اندلعت منتصف العام الماضي.

وفي تقريرها، أشارت صحيفة "التايمز" إلى أن الكشف عن فضيحة ديون شقيق أمير قطر تلك، سيشكل "إحراجاً خطيراً لهذه الدولة الشرق أوسطية الثرية بشدة، التي تستضيف بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022".

ونقل التقرير عن أحد المدربين المتضررين قوله: "لا أعلم لماذا لم تُدفع لنا مستحقاتنا.. (القطريون) اشتروا لتوهم 24 مقاتلة حربية بعدة مليارات من الجنيهات الاسترلينية، لذا أنا واثقٌ من أن بوسعهم تدبير الأموال اللازمة لكي يدفعوا لنا".

ويشير مدرب الخيول - الذي لم تكشف "التايمز" عن هويته - في تصريحاته إلى الاتفاق الذي وقعه وزيرا الدفاع القطري خالد بن محمد العطية والبريطاني جافين ويليامسون مطلع الشهر الماضي، والذي تشتري الدوحة بموجبه 24 طائرة مقاتلة من طراز "تايفون" مقابل نحو خمسة مليارات جنيه إسترليني (6.7 مليار دولار).

وسبق الإعلان عن هذه الصفقة بأيامٍ قليلة توقيع النظام القطري عقوداً لشراء مقاتلات فرنسية من طراز "رافال" وكذلك 50 طائرة ركاب من طراز "آيرباص" بقيمة تتجاوز 10 مليارات يورو (نحو 12 مليار دولار أميركي).

وللكشف عن مدى الأزمة التي يعاني منها المدربون الدائنون لشقيق حاكم قطر، قالت "التايمز" إن أحدهم اضطر لإعادة الخيول التي دربها لحساب مركز "الشقب"، بينما لجأ ثانٍ إلى الحصول على قرضٍ مصرفي لتدبير مصروفاته، لحين حصوله على أمواله المتأخرة، وسط تقارير عن اضطراره لإجراء مزادٍ باع فيه خيوله بأسعارٍ مخفضة لكي يساعده ذلك على الخروج من ضائقته المالية ولو مؤقتاً، كما أكدت الصحيفة البريطانية أن بعض هؤلاء المدربين لن يستطيعوا مواجهة ما سيترتب على تأخر مستحقاتهم لدى الدوحة من مشكلاتٍ.

ولم تقتصر فضيحة الديون القطرية على مدربي الخيول البريطانيين فحسب، بل شملت كذلك - بحسب تقرير "التايمز" - عدداً من المدربين الفرنسيين. وأشارت الصحيفة في تقريرها الحصري إلى أنها أُبْلِغت بأسماء بعض مدربي الخيول الذين تضرروا بشكلٍ بالغ من تأخر النظام القطري في دفع مستحقاتهم، واصفة إياهم بـ"أصحاب الأسماء البارزة بشدة" في هذا الميدان. وفي إيماءة لا تخفى إلى الضغوط التي تمارسها السلطات القطرية دائماً لإسكات منتقديها سواء بالترهيب أو بالترغيب، أقرت "التايمز" بأنها حاولت الاتصال بعددٍ من المدربين الذين يدين لهم شقيق أمير قطر بمبالغ كبيرة، لكنها أشارت إلى أن أياً منهم "لم يرغب في الحديث بشكلٍ مُسجل خشية تعريض علاقاتهم مع (مركز) الشقب للخطر"، ولتفسير أسباب الخوف الشديد الذي ينتاب أولئك المدربون ويمنعهم من فضح التأخر القطري الشديد في الوفاء بمستحقاتهم، أشارت الصحيفة البريطانية إلى مدى اتساع نشاط مركز "الشقب" في المملكة المتحدة، إلى حد أن عدد الخيول التي كانت تتدرب لحسابه في إنجلترا الموسم الماضي، بلغ أكثر من 100 جواد.

وقالت "التايمز" إنه على الرغم من أن لدى "الشقب" مستشاراً له في بريطانيا فإن "التعامل مع كل المدفوعات كان يتم مباشرةً من الدوحة"، وأشارت إلى أن مركز الفروسية القطري غيّر صيغة إيصالاته مع المتعاملين معه، اعتباراً من أول أيام العام الحالي، بحيث بات واضحاً أن التعامل مع هذه الإيصالات صار يتم من خلال محاسبين يتخذون من فرنسا مقراً لهم.

وفي محاولةٍ مفضوحة للتقليل من شأن الإحراج الشديد الذي يتعرض له النظام القطري في بريطانيا حالياً بفعل كشف النقاب عن فضيحة المتأخرات هذه، أقر خليفة العطية المدير التنفيذي لـ"الشقب" بأن المركز يمر في الوقت الحاضر بعملية "إعادة هيكلة" تشمل مختلف الإدارات التابعة له.

وفي مؤشرٍ يبرهن على فداحة الصعوبات المالية التي يواجهها هذا المركز، قال العطية - الذي وُصِفَ بالمقرب من الشيخ جوعان شقيق أمير قطر والذي يرأس في الوقت نفسه اللجنة الأوليمبية في بلاده - في تصريحاته لـ"التايمز": "إننا نمر بعملية مراجعة مالية طويلة، بسبب الأنشطة والارتباطات العديدة المتعلقة بعملنا في قطر، وهو ما سيأخذ وقتاً ليس بالقليل لإنجازه".

كما أقر بأن "عمليات إعادة تنظيم" العمل في المركز تعني "أننا بحاجة لبيع عددٍ من الخيول".

ومع أن العطية حاول الادعاء بأن الأزمة الراهنة في المركز غير مرتبطة بتأثيرات مقاطعة قطر وعزلتها، فإنه اعترف بأن لهذه المقاطعة "العديد من العواقب الاجتماعية والسياسية" السلبية بطبيعة الحال. واستعرضت "التايمز" في تقريرها بعض التفاصيل الخاصة بمركز "الشقب"، الذي يحمل هذا الاسم نسبةً إلى أحد أحياء الدوحة، قائلةً إنه أُسِسَ قبل خمس سنوات، في مسعى ربما لمنافسة مراكز أخرى مماثلة في دول خليجية مجاورة. وأشارت الصحيفة البريطانية المرموقة إلى أن مركز الفروسية القطري حاول على مدار السنوات القليلة الماضية أن يحقق لنفسه مكانةً على الساحة الدولية.

إقرأ أيضًا
ذا إنڤيستيجيتيڤ چورنال: الدوحة مولت الإخوان في هولندا والاستخبارات حذرت من خطرهم

ذا إنڤيستيجيتيڤ چورنال: الدوحة مولت الإخوان في هولندا والاستخبارات حذرت من خطرهم

خلال الأعوام التالية لـ2008، بات واضحًا تركيز استراتيجية الإخوان على المدن الكبيرة، وخاصة أمستردام وروتردام؛ إذ ركزت الجماعة على الهولنديين الذين اعتنقوا الإسلام والجيل الثالث من المسلمين

ضاحي خلفان: إخوان اليمن يستمدون فتاوى الهجمات الانتحارية من القرضاوي

ضاحي خلفان: إخوان اليمن يستمدون فتاوى الهجمات الانتحارية من القرضاوي

تاريخ القرضاوي ملء بالفتاوى العدوانية الشاذة ومنها أنه أفتى بالقتال ضد القوات المسلحة والشرطة في مصر ووصف مؤيدي ثورة 30 يونيو بالخوارج