يواصل تنظيم الحمدين الحاكم في قطر وضع دويلته في قمقم الملالي الإيراني، ليظهر بمظهر الداعي للسلام في المنطقة، وهو ما التقطه وزير الخارجية القطري، محمد بن عبدالرحمن، وأعلن دخول الدوحة على خط الوساطة لإجراء محادثات مباشرة بين أمريكا وإيران.
كل ما تفعله قطر حاليا يكشف بوضوح انعدام النوايا للتراجع، لتمضي دويلة التطرف والإرهاب قدما في تعميق أزمتها أكثر فأكثر، وتضع بينها وبينها الدول المقاطعة لها حواجز يصعب تجاوزها، بعدما أظهرت وقوفها في صف إيران، بعد كل التصريحات القطرية، عن علاقتها بإيران، ورفضها التهم الموجهة إليها بدعم الإرهاب ورعاته، وبالارتماء في الحضن الإيراني، ودعم مشاريع طهران في المنطقتين الخليجية والعربية.
ومنذ أيام خرج نامق الدوحة محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، ليعلن أن قطر تسعى للعب دور وسيط في الأزمة الراهنة بين واشنطن وطهران، وأنها تعمل على نزع فتيل التوتر في المنطقة، في إعلان يسلط الضوء على جهود قطرية لتخفيف الضغط على طهران، التي تواجه بالفعل حصارا دوليا شديدا لكبح أنشطتها المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط.
الإمارة الخليجية الصغيرة، التي عجزت حتى الآن عن الخروج من مأزقها، بعد قرار المقاطعة الذي اتخذته كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر في يونيو 2017، تحاول أن تجسد دورا أكبر من إمكانياتها، بأن تقدم نفسها كلاعب إقليمي قادر على المساعدة على دعم الاستقرار في المنطقة.
وتجمع قطر وإيران علاقات جيّدة تعززت بعد قرار المقاطعة الخليجية والعربية، حيث ثبت أن الدوحة أبقت على قنوات سرية مع طهران في الوقت الذي كانت تمارس فيه أنشطة معادية لدول الخليج العربي.
وتطالب دول المقاطعة الدوحة بالتخلي عن سياسة دعم وتمويل الإرهاب والتقارب مع إيران، إلا أنها لا تزال تصر على العناد والاستمرار في سياستها التي تؤجج التوتر في المنطقة، وتساهم في نشر المشروع الصفوي الإيراني.
وكان ذلك جليا عندما أعلنت بعد مشاركتها الأخيرة في قمم مكة الثلاث، تحفظها على بياني القمتين العربية والخليجية لتركيزهما على أنشطة إيران التخريبية، في خطوة شكّلت دعما قطريا صريحا لطهران في مواجهة الجهود العربية والخليجية لكبح الأنشطة الإيرانية.
وخالفت قطر الإجماع العربي والخليجي، حول ضرورة تحصين المنطقة من الخطر الإيراني بتحفظها الذي جاء مناقضا لمواقفها قبل المشاركة في قمم مكة الثلاث، ممثلة برئيس وزرائها عبدالله بن ناصر آل ثاني.
وقال وزير خارجية قطر محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إن بلاده تسعى لإجراء محادثات بين إيران والولايات المتحدة لاحتواء التوتر بينهما.
وعبّر في تصريحات للصحفيين بالعاصمة البريطانية لندن نقلتها صحف قطرية عن خشية بلاده من أن "تؤدي الحسابات الخاطئة إلى التصعيد".
وأضاف أن طهران وواشنطن "لا تريدان الحرب"، وهو ما يدفع الدوحة إلى محاولة التوسط لعقد لقاء مباشر بين مسؤولين من الجانبين.
وتابع "نعتقد أنه عند مرحلة ما يجب أن يحدث تواصل، إذ لا يمكن أن يستمر هذا الوضع للأبد خاصة مع عدم رغبة الطرفين الدخول في تصعيد آخر، لذا عليهما الخروج بأفكار تفتح الأبواب"، موضحا أن بلاده تتفهم السياسة الأمريكية تجاه إيران، إلا أنها تحتفظ بـ"تقييم مختلف".
وتصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة منذ انسحاب الأخيرة من الاتفاق النووي المبرم في 2015 وإعادة فرض عقوبات مشددة على طهران.
وتضاعف التوتر في الأسابيع الأخيرة، بعدما أعلنت واشنطن إرسال حاملة الطائرات أبراهام لنكولن وقاذفات من طراز بي 52 إلى الشرق الأوسط، لوجود معلومات استخبارية حول استعدادات محتملة من قبل طهران لتنفيذ هجمات ضد القوات أو المصالح الأميركية.
وقال الوزير القطري للصحفيين في لندن اليوم الأحد إن قطر ودولا أخرى تجري محادثات مع إيران والولايات المتحدة لإنهاء التصعيد وحث الجانبين على الاجتماع والتوصل لحل وسط.
وأوضح أن عددا من الدول وبينها قطر وسلطنة عمان والعراق واليابان تدعو الجانبين لإنهاء التصعيد، مضيفا "كل هذه الدول قلقة مما قد يؤدي إليه التصعيد. هناك محاولات من قطر ودول أخرى في المنطقة لتهدئة الوضع: نتحدث مع الولايات المتحدة ونتحدث مع الإيرانيين أيضا".
وأضاف "ما نحاول فعله حقا هو تقريب وجهات النظر وفتح حوار بين الجانبين لأن التصعيد لن يفيد أحدا في المنطقة".
وسبق أن أغلقت إيران الباب أمام نجاح وساطة رئيس رئيس الوزراء الياباني شینزو آبي، الذي من المقرر أن يزور طهران هذا الأسبوع، لإيجاد مخرج للأزمة ودفع إيران إلى التفاوض مع الولايات المتحدة وتغيير السلوك التصعيدي لإيران في المنطقة.
واتضح مغزى الاستعجال الإيراني لإفشال الوساطة اليابانية إثر إعلان قطر أنها تتوسط بين واشنطن وطهران، حيث تحاول إيران تعويم النظام القطري وفكّ عزلته الدولية عبر منحه وساطة شكلية محكوم عليها بالفشل. وزعم وزير الخارجية القطري، في تصريحات صحفية، أن قطر تجري محادثات مع إيران وأمريكا بشأن إنهاء التصعيد.
والأربعاء الماضي، أجرى الرئيس الإيراني، حسن روحاني، اتصالاً هاتفياً بأمير قطر، تميم بن حمد، هاجم فيه سياسة دول الخليج وشكر قطر على موقفها في الدفاع عن التدخلات الإيرانية، فيما أبدى الذميم رغبة بلاده بتوسيع العلاقات مع طهران على كافة المستويات.