لم يتاجر أحد بأحلام الفلسطينيين مثلما فعل النظام القطري، الذي روج لدعمه القضية الفلسطينية إعلاميا، ليخفي حقيقة علاقاته القوية مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، فالدوحة الباحثة عن أوهام الزعامة تخلت عن عباءة العروبة على المذبح الإسرائيلي، فبحسب ما نشره موقع "غلوبال ريسيرتش" الكندي، حين أشار إلى تورط أمير قطر السابق حمد بن خليفة، في العملية العسكرية الإسرائيلية التي أسفرت عن اغتيال أحمد الجعبري أحد أبرز قادة كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس في غزة. وذلك في العام 2012.
فلم يكن من باب الصدفة، بحسب تقرير الموقع الكندي، أن نفذت إسرائيل هجومها الشامل على قطاع غزة، بعد أيام قليلة من زيارة أمير قطر آنذاك، حمد بن خليفة آل ثاني، إلى القطاع في 23 أكتوبر 2012، فقد أكدت مصادر مطلعة أن عملية "عمود السحاب"، التي أطلقها جيش الاحتلال الإسرائيلي يوم 14 نوفمبر من العام ذاته، كانت مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بتلك الزيارة.
وأكد دبلوماسيون ومصادر مطلعة أن الأمير القطري السابق قدم خدمة جليلة للإسرائيليين، من خلال مساعدتهم في تحديد مواقع قادة فلسطينيين في قطاع غزة، ليتم استهدافهم فيما بعد بالاعتداءات الإسرائيلية الغادرة، وأشاروا إلى أن الشبهات تحوم حول هذه المسألة، مع تزامن زيارة حمد للقطاع، واغتيال أحمد الجعبري، في اعتداء جوي استهدف سيارته.
وكشفت المصادر أن حمد قدم لعدد من قادة "حماس" هدايا على شكل ساعات وأقلام، تبث إشارات تردد منخفضة إلى أقمار صناعية إسرائيلية، ليستخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي فيما بعد لتحديد مواقع إقامة ومكاتب عدد من قادة حماس خلال هذه الزيارة.
فيما أوضحت مصادر استخباراتية، أن زيارة أمير قطر السابق إلى غزة، نوقشت في الدوائر الإسرائيلية، من حيث الأبعاد والأهداف، وتوجت بزيارة سرية قام بها رئيس وزراء قطر آنذاك، حمد بن جاسم، إلى ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي، ولقائه مع بنيامين نتنياهو وكبار مستشاريه، قبل ساعات قليلة من بدء رحلة حمد بن خليفة إلى غزة.
وأشارت المصادر إلى أن نظام الحمدين سعى إلى التخلص من قيادات متشددة في حركة حماس، في الوقت الذي كانت فيه القيادة القطرية تعمل على وضع يدها على قرارات الحركة الفلسطينية، وتجنيد قواتها الموجودة داخل الأراضي السورية في مواجهة نظام بشار الأسد، ما رفضه قياديون من كتائب القسام، وعلى رأسهم الجعبري.
وورد في تقرير استخباري فرنسي، أن النظام القطري قتل الجعبري بساعة يد تحمل مادة "سي 4" شديدة الانفجار. وهذا النوع من ساعات اليد، تم اختباره بضغط جوي يُقدّر بنحو 300 بار، علاوة على ذلك، فقد جرب هذا النموذج باختبار أشد عنفاً وقسوة، أجراه خبراء القوات الخاصة الأمريكية، وضباط الاستخبارات الإسرائيلية، وهذا النموذج يصنع يدوياً في إسرائيل.
كما نقلت تقارير إعلامية آنذاك، عن مسؤولين وصفتهم برفيعي المستوى في حركة حماس، أن السيارة التي قصفتها إسرائيل، وكان داخلها القيادي العسكري في الحركة، أحمد الجعبري، هي هدية من أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني.
وأقدمت سلطات الاحتلال في 14 نوفمبر 2012، على اغتيال الجعبري، وأسفر الهجوم كذلك عن مقتل القيادي في القسام أحمد أبو جلال، كما أسفر عدوان "عمود السحاب"، الذي نفذته إسرائيل بين 14 و21 نوفمبر 2012، تاريخ إعلان الهدنة، عن استشهاد 155 فلسطينياً، فضلاً عن مئات الجرحى، وبين الشهداء أكثر من 27 طفلاً و14 امرأة و8 مسنين.