نشر موقع "كاب إكس" التابع لـ "مركز الدراسات السياسية" البريطاني مقالا للكاتب غاوين تاولر، قال فيه إن كأس العالم 2018 أصبح من الذكريات الدافئة والبعيدة بينما تستعد البطولات المحلية للانطلاق. ومع ذلك، هنالك مشكلة في عالم كرة القدم لا يمكن للألعاب النارية أن تبددها.
وأضاف تاولر أنه في 1948، وعلى أنقاض أكثر الحروب تدميراً، استقبلت لندن الألعاب الأولمبية التي تجسد السلام بين الدول، وكان مفترضاً أن تقام هذه الألعاب في طوكيو وهلسينكي لكن تمّ إسقاط هذا الخيار فيما نُظر إلى لندن على أنّها مكان آمن حيث يمكن للجميع المشاركة في حدث يبرز الامتياز البشري.
وتم اتخاذ هذا القرار في وقت متأخر، لكنّ لندن تحملت مسؤوليتها في استضافة الحدث الناجح. وخلال السنوات اللاحقة، استضافت هلسينكي وطوكيو هذه الألعاب.
وأشار تاولر إلى أن العالم اليوم ليس واقعاً في حرب لحسن الحظ، غير أنّ وضع بطولة كأس العالم 2022 متزعزع، فمن خلال اختيار قطر لاستضافة البطولة القادمة، رغم وجود أدلة عن فساد على نطاق واسع وإدانة شرائح كاملة من المسؤولين حول العالم، فإنّ هذه النهائيات ملوثة بشكل يتعذر إصلاحها.
كما أوضح أن قرار السماح لقطر باستضافة كأس العالم أقنع اللاعبين والإداريين والمشجعين على حد سواء بأن اللعبة الجميلة قد شابها الفساد. فعندما يقرر الفيفا هوية الدولة التي يمكنها استضافة هذه البطولة، هنالك عدد من المعايير التي يتوجب مراعاتها، ليس أقلها أن تكون الدولة ذات ثقافة كروية عميقة. وهو الأمر غير المتوفر في قطر. قد يكون القطريون اشتروا نادي باريس سان جرمان، لكنّ امتلاك لوحة لبيكاسو لا يجعل الفرد فناناً.
وأضاف تاولر أنه مؤخراً، أعلن سيب بلاتر، الرئيس السابق للفيفا والمتهم بقضايا فساد، مجموعة من الادعاءات حول ما شاب عملية منح قطر حق استضافة كأس العالم، من بينها، قيام ميشال بلاتيني بالاتصال به كي يقول إنّه تعرض للضغط من أجل تغيير تصويته خلال مأدبة غداء سنة 2010 مع نيكولا ساركوزي، الرئيس الفرنسي حينها، والشيخ آل ثاني، أمير قطر". وبلاتيني كان الممثل الفرنسي في هيئة الاختيار بين المرشحين والرئيس السابق للاتحاد الأوروبي لكرة القدم وقد ارتبط أيضاً بقضايا فساد. وتابع بلاتر: "لا أعلم ولا أريد أن أعلم إن كان هناك من صلة بين إعطاء قطر كأس العالم وما حصل بعدها"، في إشارة إلى شراء النادي الباريسي وتوقيع عقد بقيمة 12 مليار يورو لشراء طائرات من شركات فرنسية.
وتابع تاولر أنه بعد منح قطر حق استضافة كأس العالم، استُبعدت إقامة البطولة في الصيف بسبب الحرارة المرتفعة التي تصل إلى 45 درجة مئوية وتم تأجيلها إلى ما بين 21 نوفمبر و 18 ديسمبر. وهذا سيثير الفوضى لكرة الأندية حول العالم وخصوصاً الدوري الإنجليزي حيث اشترك 108 لاعبين من 20 نادياً في كأس العالم التي استضافتها روسيا.
وإضافة إلى ذلك، هنالك الاعتبارات الأخلاقية التي تمنع أي نوع من أنواع التمييز في الدول التي تستضيف البطولات والتي تتعلق أيضاً بحسن التعامل مع اليد العاملة. هنالك مليونا عامل من المهاجرين والذين لقي 1200 شخص منهم حتى الآن حتفه بحسب اتحاد النقابات الدولي. ويجب أن يقارَن هذا الرقم بأعداد الذين قضوا أثناء أعمال البناء في روسيا والذين لم يصلوا إلى 10 ضحايا.
وأضاف تاولر أنّ أكثر ما ينبغي أن يقلق العالم هو أنّ قطر داعمة لمجموعات إرهابية مختلفة وهي معروفة بأنها أكبر دولة راعية للإرهاب حول العالم، حيث أعلن حكام قطر علناً تقديم هدية بقيمة مليار دولار للإخوان المسلمين. وعلى الرغم من تصنيف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حماس على لائحة الإرهاب، فإن قطر حليفة مع كلتا المنظمتين اللتين دعمتهما على مدى سنوات. وفقاً لتقارير أممية وأوروبية، مولت الدوحة جناح حماس العسكري في غزة وجبهة النصرة التي تشكل أحد فروع القاعدة في سوريا.
كما أوضح أن التمويلات تصل إلى مئات المليارات من الدولارات وهي تُستخدم لدعم وتدريب وتنفيذ نشاطات إرهابية تركت آلاف القتلى ومئات الآلاف من الجرحى، وأبدى استغرابه أنه من الصعب فهم كيف يمكن إعطاء حق استضافة كأس العالم إلى دولة كهذه.
ودعا الكاتب إلى تذكر أنّ شبكة الجزيرة الرسمية تستضيف متطرفين يبررون الهجمات الإرهابية أو يسعون لتشريع العنف. كما وجدت شبه الجزيرة الصغيرة مساحة لاستضافة رئيس حركة حماس وكذلك خالد شيخ محمد سنة 1996 والذي خطط لهجمات 11 سبتمبر.
واختتم الكاتب مقاله بالقول إنه لا يزال هنالك وقت لسحب حق استضافة كأس العالم من قطر ولا يزال هنالك وقت للفيفا كي تتوقف عن البحث عمّا يملأ جيوبها وتبدأ اهتمامها بالعالم. خسرت لندن المال حين قدمت خدمة للعالم سنة 1948. يمكن ربما اليوم إقناعها بفعل الشيء نفسه. لكن هذه المرة سيكون صعباً عدم استفادتها من حدث كهذا.