كعادتها تسعى المؤسسات القطرية للتغطية على انتهاكات حكومة الأمير الصغير عبر فعاليات وهمية، كان آخرها ما دشنته اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، بالتزامن مع احتفالات اليوم العالمي لمناهضة الإتجار بالبشر، لتحويل انتباه جميعات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية عن انتهاكاتها المستمرة.
وأعلنت اللجنة القطرية عن افتتاح ما اسمته "دار الرعاية الإنسانية" التي تختص بتقديم المساعدة والحماية المطلوبة لضحايا الاتجار بالبشر، والتي سيتركز عملها في مساعدة العمال.
ومخالفة للواقع الذي يعيشه العمال الأجانب في قطر، قالت اللجنة إنها ستعمل على إعادة تأهيلهم وإدماجهم في المجتمع، من خلال الإيواء المؤقت للعمالة، لرعايتهم حتى يتم تأمين مغادرتهم للدولة.
وافترضت اللجنة أن الأجانب العاملين في مشروعات العصابة القطرية والمرافق التابعة لأسرة آل ثاني سيتمكنون من مقاضاة أصحاب العمل، في الوقت الذي يتيح فيه القانون القطري لصاحب العمل سحب جوازات السفر ممن يعملون لديه، ومنعهم من السفر أو التنقل.
وتسمح القوانين القطرية لأصحاب العمل وشركات الاستقدام ممارسة الانتهاكات ضد العمل تحت مظلة القانون، حيث يشتكى العمال وفقا لتقارير حقوقية موثقة من تأخر رواتبهم لشهور، وإجبارهم على العمل أوقات أكثر من المنصوص عليها في التعاقد، إضافة لإجبارهم على العيش في أماكن قذرة غير صالحة للاستخدام الآدمي.
وبسبب الظروف القاسية لا يتمكن كثير من العمال في دوحة الخراب من مقاضاة الشركات التي تنتهك حقوقهم، أو حتى مكاتب الاستقدام التي تتكفل بشحنهم إلى الجحيم القطري مستغلة حاجتهم للعمل، وذلك لمصادرة أوراقهم الثبوتية، وعقود العمل من قبل الشركات القطرية.
وقالت اللجنة إن الدار المزمع تدشينها ستكون في منطقة المعمورة، وهي منطقة بعيدة عن غالبية التجمعات العمالية، كما أن اللجنة حددت ست "فلل"، منها أربع سكنية واثنتان للخدمات العامة، وهو عدد زهيد جدا إذا ما قورن بأعداد العمال الموجودين في قطر والذين يتجاوز عددهم مليون ونصف المليون عامل.
وزعمت اللجنة أن من حق العامل أن يتقدم بشكواه عبر الموقع الإلكتروني، منذ وصوله لدار الإيواء وحتى انتهاء مشكلته، وهو ما يصعب تطبيقه على أرض الواقع حيث أن غالبية العمال، يوقعون على وصولات أمانة للكفيل، كما أن نظام قانون العمل القطري لا يزال ينصف أصحاب العمل مهما كان موقفهم القانوني.
وفي وقت سابق وصفت منظمة العفو الدولية الإجراءات التي احتفت بها أبواق الحمدين الإعلامية واعتبرتها إصلاحات في قانون العمل، بأنها قاصرة مؤكدة أن قانون تنظيم دخول وخروج الوافدين يعاني عيوبا مجحفة، من بينها أنه لا يحمي العمالة غير المشمولة بقانون العمل، مثل العمالة المنزلية، فضلا عن وجود خمسة في المئة من العمالة رهن الاشتراطات القديمة.
ورغم أن قطر ألغت قبل نحو عامين نظام الكفالة للعمال الأجانب واستبدلته بنظام عقود عمل، لكن العفو الدولية رأت أن هذه الخطوة تعد معالجة سطحية للأزمة، ويبقى العمال الأجانب تحت رحمة استغلال أرباب العمل لهم، ويتركهم عرضة للعمل القسري أو السخرة، بما في ذلك العمال الذين يقومون ببناء الملاعب التي ستستضيف مباريات كأس العالم.
وقال جميس لينتش، نائب مدير قسم القضايا الدولية بالمنظمة في تصريح سابق إن القوانين القطرية تخلص من كلمة "الكفالة"، ولكنه يترك ذات النظام الأساسي على حاله.
ستيفن كوكبيرن، المسؤول في المنظمة دعا إلى أن تتمتع كل العمالة المهاجرة بحرية السفر، وكذلك العمالة المنزلية المعرضة لسوء المعاملة والاستغلال، من قبل أصحاب العمل الذين يُصادرون جوازات سفر عمّالهم. كما دعت إلى إلغاء نظام "الكفالة" الذي يجعل العمّال الأجانب تحت رحمة أصحاب العمل.
وقالت المنظّمة إنّه على الرّغم من الوعود التي أطلقتها الدوحة، إلا أنّ نظام "الكفالة" لا يزال قائماً، وهو يقلّص حظوظ العمّال بتغيير عملهم أو مغادرة البلاد.
كذلك، ناشدت المنظّمة غير الحكوميّة توفير حماية أفضل لعمّال المنازل البالغ عددهم حوالي 175 ألفاً، والذين "يبقون بعيدين عن الأنظار ومنسيّين".
نظام الكفالة يشكل أساس عملية التوظيف، حيث يربط العمال الأجانب قانوناً بمستخدميهم، فيقيِّد قدرة جميع العمال على تغيير عملهم، كما يمنع كثيرين منهم من مغادرة البلاد دون إذن مستخدميهم.