إعادة الإعمار.. بوابة قطر المشبوهة لإسقاط الدول

  • 155e43b9c8878b_jpgihnqelkfom

"مال مشبوه جاء من حرام وأنفق في الحرام".. هكذا يمكن وصف الأموال القطرية التي قدمها نظام الحمدين الراعي للإرهاب، لبعض البلدان في هيئة مساعدات مالية، أو ما يعرف بمساهمات إعادة الإعمار في البلدان المنكوبة.

على مدار ما يزيد على 10 سنوات ماضية قدم النظام القطري مليارات الدولارات، تحت ذريعة مساعدة البلدان التي أنهكتها الحروب الأهلية، لكن دوما اتخذت قطر أسلوبا غريبا في دعم هذه المناطق، فلم تقدم هذه الأموال للحكومات المركزية، بل قدمتها تارة للمجموعات المسلحة التي تصنف إرهابية من قبل بعض الدول، ومرة أخرى من خلال مسؤولين قطريين مباشرة بعيدا عن المسارات القانونية المتبعة في هذه الدول، مستغلة حالة الانفلات التي تعقب الحروب.

عملت قطر على ترسيخ تواجدها من خلال هذه الأموال، عن طريق شراء أتباع يمكن استخدامهم في أي وقت لتحقيق مصالح دوحة الخراب، وخدمة مخطاطتها المشبوهة، أو ضمان بقاء بعض المليشيات المسلحة التي ترفع السلاح في وجه الدول الوطنية، وتفرض نفسها كقوة موازية لسلطان القانون.

في قطاع غزة المحاصر من قبل الاحتلال، والذي تستأثر به حركة حماس الإخوانية، وترفض الانصياع للحكومة المركزية برام الله، قدمت قطر مليارات الدولارات في هيئة مساعدات غذائية، لكن مراقبون للأوضاع على الأرض يؤكدون أن غالبية هذه الأموال تصب في جيوب قادة حماس.

المنح القطرية المشبوهة جعلت السلطات الفلسطينية تتهم قطر في نوفمبر 2018، بدعم خطط الانفصال قطاع غزة عبر تقديم الدعم المالي لحركة حماس، في محاولة لتخريب الجهود المصرية الرامية لإتمام مصالحة بين أبناء الشعب الفلسطيني.

وقتها هاجم عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني، إدخال السفير القطري محمد العمادي الأموال لقطاع غزة، متجاوزاً السلطة الفلسطينية، واصفاً طريقة إدخال هذه الأموال بطرق «المافيا» والمهربين.

وقال مجدلاني في تصريحات له إن العمادي بالاتفاق مع إسرائيل و«حماس»، «استخدم طرقاً مألوفة لدى المافيا والمهربين في نقل الأموال، وذلك عبر الحقائب، من أجل تعزيز الانقسام وتخريب الجهود المصرية لإتمام المصالحة».

وصفت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" أموال قطر المشبوهة بأنها "ثمن بخس لدماء أبناء شعبنا الغالية في قطاع غزة"، والتي "استغلتّها قيادة حماس لتواصل مؤامرتها التي تتماشى مع المؤامرة الصهيو - أميركية الهادفة إلى فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية".

وقالت "وفا" إن حماس باعت دماء الشهداء الزكية التي رووا بها تراب قطاع غزة الحبيب، وقبضت بالدولار الأميركي الذي أدخل عبر 3 حقائب في مركبة السفير القطري محمد العمادي عبر معبر بيت حانون "إيرز" شمال القطاع، وبالتنسيق الكامل مع إسرائيل.

وقالت حركة "فتح" تعقيبا على إدخال الأموال القطرية عبر مطار بن غوريون تحت الإشراف الأمني الإسرائيلي مباشرة إلى حركة حماس في قطاع غزة، إن "هذه المهزلة قطعت الشك باليقين أن حركة حماس وطوال الفترة السابقة كانت تتلاعب بعواطف وعقول الناس وتتحايل على القضية الفلسطينية تحت اسم مسيرات العودة وسلاح المقاومة".

ومنذ أكتوبر 2012 ودوحة التطبيع تعمل من خلال ما يسمى باللجنة القطرية لإعادة إعمار قطاع غزة، وهي لجنة منبثقة عن وزارة الخارجية القطرية، على تغذية الانقسام وتوفير عيش كريم لأعضاء الإخوان المسلمين داخل القطاع، ليبقي الحصار لأهالي غزة غير المنضمين للحركة.

وتبلغ قيمة المنحة القطرية لحركة حماس  407 مليون دولار أمريكي سنويا، ووفقا لصحيفة هارتس الإسرائيلية فإن قادة حماس تسلموا أكثر من مليار دولار أمريكي من قطر منذ عام 2012.

في الجنوب اللبناني الذي تسيطر عليه ميليشيات حزب الله اللبناني، المدعومة بشكل مباشر من إيران تكرر السيناريو القطري، فغالبية المساعدات التي قدمتها قطر للبنان لم تخرج عن قرى الجنوب التي يتمركز فيها الشيعة اللبنانيون، والتي تعد مناطق نفوذ للحزب اللبناني المسلح.

منذ أن وضعت حرب أغسطس 2006 أوزارها وهرعت الحكومات العربية لإنقاذ الأشقاء اللبنانيون المتضررين من الحرب؛ لكن قطر اتخذت مسلكًا مغايرًا حيث توجه مسؤولين قطريين تحت حماية ميليشيا حزب الله إلى قرى الجنوب بأنفسهم وفي غياب تام للإشراف الحكومي اللبناني، وتم توزيع الأموال القطرية، وانتشرت اللافتات التي تحمل أسماء أمراء قطر في كل مكان بالقرى، في محاولة لكسر كرامة اللبنانيين المنكوبين.

وبعدها قدمت قطر 300 مليون دولار خصصت لإعادة إعمار أربعة قرى وبلدات في الجنوب اللبناني وهي: "الخيام- بنت جبيل- عيتا الشعب- عيناتا"، ليأتي العام 2010 بزيارة رسمية لأمير قطر المخلوع حمد بن خليفة لجنوب لبنان، ليفتتح مشاريع في بنت جبيل بعدما أعادت إعمار 12000 وحدة سكنية في أربع بلدات جنوبية حدودية.

لم يسلم اليمن الجريح من مخططات تنظيم الحمدين الإرهابي، حتى من قبل اندلاع الحرب بين الجيش الوطني اليمني، وميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، حيث قدمت دوحة التطرف دعما ماليا وسياسيا لمتمردي الحوثي أكثر من مرة.

العلاقة بين الحوثي المتطرف وتنظيم الحمدين تعود للعام 2008، وفقا للصحفي اليمني  سمير الصلاحي، نائب مدير الأخبار في قناة اليمن الإخبارية، حيث تدخلت قطر لإنقاذ الحوثيين حينما أوشك الجيش اليمني على القضاء عليهم في 2008.

وقتها دعمت قطر المليشيات الحوثية بـ 500 مليون دولار أمريكي بحجة إعادة إعمار مدينة صعدة، بعدما فرضت نفسها كوسيط بين السلطات المينية والجماعات الحوثية لإنهاء الحرب.

وأضاف الصحفي اليمني أن الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح،الذي قتل على يد المليشيات، أكد أن أكبر خطأ ارتكبه نظامه في هذه الفترة هو السماح لقطر بالدخول على الخط، لأنها أنقذت المليشيات الحوثية من مصير محقق بالقضاء عليها.

وتسببت الأموال القطرية في تدعيم الحوثيين، وإعادة تواجدهم في اليمن مرة أخرى، وعادت الدوحة لنفس الدور بعد قرار دول الرباعي العربي "مصر، الإمارات، السعودية، البحرين" في يونيو 2017، بمقاطعة قطر لرعايتها للإرهاب بالمنطقة، من خلال توفير الدعم المالي والإعلامي للمليشيات الحوثية.

ولم يقتصر دور قطر في اليمن على دعم الميليشيات المسلحة على حساب سلطة الدولة، سواء في صعدة أو في صنعاء، لكنها وبإيعاز من إيران وحزب الله تدخلت للإفراج عن الأسرى الحوثيين من قبضة السلطات الشرعية حتى من قبل اندلاع الأحداث في اليمن.

ووفقا لوثائق يمنية نشرت في وقت سابق بلغ عددها 900 وثيقة، رصدت أوجه الدعم التي قدمتها قطر لمليشيا الحوثي من أجل السيطرة على صنعاء، ووفقا لهذه الوثائق تواصل النظام القطري مع حسين بدر الدين، الأب الروحي للميليشيات قبل اندلاع الحرب في مدينة صعدة الواقعة في شمال غرب العاصمة صنعاء.

وأشارت قطر عليه أن ينفذ تمرده ضد نظام علي عبد الله صالح -الرئيس اليمني السابق الذي اغتالته الجماعة- في شمال اليمن بالقرب من الحدود الجنوبية السعودية.

دعم قطر للحوثيين لم يقتصر على المال والسلاح، لكنها مولت المعهد الديني الحوثي عن طريق سفارتها بصنعاء بـ50 ألف دولار شهرياً، ومع بدء التمرد تصدّرت قطر للوساطة بين الدولة اليمنية والميليشيا، كما توسّطت للإفراج عن معتقلي الحوثي بسجون علي عبد الله صالح.

وظهرت النوايا حين قدّمت لجنة الوساطة القطرية 5 سيارات مدرّعة للحوثيين، وسلمت المخابرات القطرية عناصر الحوثي 100 جهاز «ثريا»، ثم نقلت بعد ذلك خبراء عسكريين من حزب الله إلى صعدة لتدريب المتمردين وحفر الكهوف، ليأتي بعد ذلك دور الحليف الإيراني الذي سخّر شركة «بارسيان» للطاقة، لتهريب المعدات العسكرية.

وأثبتت واشنطن لمجلس الأمن، أن إيران تدعم الحوثيين بالأسلحة مخالفة بذلك قرارات المجلس، بخلاف الدعم الإعلامي الذي يتمثل في قناة الجزيرة التي بحسب ما ورد بمقطع الفيديو، أعطت الضوء الأخضر للحوثيين لضرب السعودية.

 
إقرأ أيضًا
ذا إنڤيستيجيتيڤ چورنال: الدوحة مولت الإخوان في هولندا والاستخبارات حذرت من خطرهم

ذا إنڤيستيجيتيڤ چورنال: الدوحة مولت الإخوان في هولندا والاستخبارات حذرت من خطرهم

خلال الأعوام التالية لـ2008، بات واضحًا تركيز استراتيجية الإخوان على المدن الكبيرة، وخاصة أمستردام وروتردام؛ إذ ركزت الجماعة على الهولنديين الذين اعتنقوا الإسلام والجيل الثالث من المسلمين

ضاحي خلفان: إخوان اليمن يستمدون فتاوى الهجمات الانتحارية من القرضاوي

ضاحي خلفان: إخوان اليمن يستمدون فتاوى الهجمات الانتحارية من القرضاوي

تاريخ القرضاوي ملء بالفتاوى العدوانية الشاذة ومنها أنه أفتى بالقتال ضد القوات المسلحة والشرطة في مصر ووصف مؤيدي ثورة 30 يونيو بالخوارج