نظمت جمعية الصحفيين بالإمارات أمسية حملت عنوان "قطر.. عام على المقاطعة" أدارها الإعلامي عبد الرحمن نقي أمين السر العام للجمعية، وشاركت فيها الدكتورة فاطمة الشامسي، نائب المدير للشؤون الإدارية جامعة باريس السوربون أبوظبي، والدكتور عبد الله جمعة الحاج أستاذ العلوم السياسية، وخالد عمر بن ققه الإعلامي الجزائري.
وخصصت الأمسية أول محاورها لقراءة أوضاع قطر السياسية بعد عام من المقاطعة، وطرح عبد الله جمعة الحاج مداخلة، أشار فيها إلى أن الدعم القطري للإخوان غير واعٍ، وبالفعل تم تمكين التنظيم من التغلغل في مفاصل الحكم.. المعارضة القطرية إلى الآن لم تتبلور، واتضح في النهاية أن الأمور ليست كما نتوقعها، والمعارضة في الخارج منقسمة على نفسها، ولا توجد روابط بين أقطاب المعارضة والمعارضة الشعبية.
وأكد الحاج أن سلوكيات قطر الخارجية كثيرة، وكلها للأسف سلبية، ورأى الحاج أن الأمور لا تبشر بالخير طالما ظل النظام القطري في السلطة. وهي سلوكيات قال الحاج: "إنها تسير في اتجاه هدف استراتيجي واحد هو تمكين الإسلام السياسي في المنطقة العربية كافة، وإقامة ما يروج له الإخوان من دولة إسلامية، أو دولة الخلافة في نهاية المطاف، وتنصيب الأمير الوالد أو ابنه خليفة جديد للمسلمين". وأكد الحاج أن حُكام قطر يحاولون الآن تغيير الأزمة السياسية وتحويلها إلى الخارج، باختلاق الأزمات الثانوية لإشغال القطريين. وقال: ما نود تنبيه حكام قطر إليه: أن الإخوان لا يقرون فكرة الدولة الوطنية بمفاهيمها العصرية القائمة الآن في قطر ودول العالم العربي، ويقولون عنها إنها علمانية، فهل يدرك حكام قطر ذلك؟.
ورأى الحاج أن سلوكيات قطر تقوم على مبادئ الفوضى الخلاقة الموجهة إلى زعزعة نظم الحكم في جميع الدول العربية التي وصل إليها العبث أو المال القطري. ولدى الحاج قناعة بأن قطر تواجه لحظة حقيقة مرة، فليس لها من خيارات سوى العودة والامتناع عما تقوم به، ويرى الحاج أن الحلول الأمنية، وقد تكون مستبعدة، مثل الخضوع لحصار بدلاً من المقاطعة، وهو سيناريو صعب وإلى الآن بعيد، ونأمل ألا يحدث، ويعود القطريون سريعاً إلى رشدهم. الحل الثاني: التغيير من الداخل، بمعنى حدوث انقلاب، أو اجتماع الأسرة الحاكمة، وأن تقرر إزاحة النخبة الحاكمة الآن من على كاهل القطريين ومن على كواهلنا، فالقطريون يعانون، ونحن نعاني بسبب بعد القطريين عنا الذي لا يسرنا ولا يفرحنا.
وتحدثت الدكتور فاطمة الشامسي عن مدى تأثر الاقتصاد القطري جراء المقاطعة التي مر عليها الآن قرابة عام. التأثير الاقتصادي كبير، فقطر دولة صغيرة، ولديها إمكانات متواضعة وموارد ناضبة تستخدمها حالياً في مواجهة أزمتها وتجميل واقعها.
ورأت الشامسي أن هناك تحليلات أجنبية رصينة تؤكد أن الاقتصاد القطري في حالة تدهور وما يتم إعلانه للشعب القطري ما هو إلا تضليل، وجميع القطاعات الاقتصادية متأثرة، خاصة القطاع المالي والمصرفي، بسبب انعدام السيولة في ظل الأزمة، وسحب الودائع من المصارف، ما أضر بالأخيرة، وأدى إلى تدهور قيمة العملة.
كما أشارت الشامسي إلى أن الحكومة القطرية تستدين بفوائد عالية، ما أدى إلى مضاعفة المديونية العامة. كما أن الحكومة القطرية التي كانت تتباهى بالصناديق السيادية، تسحب حالياً من هذه الصناديق كي تلبي احتياجات القطاع المصرفي، وتستجيب لمطالب البنك المركزي، وتشهد هذه الصناديق تراجعاً في احتياطاتها، علماً بأنها ضمانة لأجيال المستقبل.
وأكدت الشامسي تضرر قطاع النقل بسبب إغلاق الحدود، ووقف حركة الطيران، الذي كان يسعى لمنافسة طيران "الاتحاد" أو طيران "الإمارات"، كما شهد عدد الركاب انخفاضاً بنسبة 10%، وهذا أدى إلى تراجع الواردات ومن ثم التأثير على الاستهلاك المحلي في قطر، وارتفاع نسبة التضخم نتيجة نقص المعروض من السلع.
ووفقا للشامسي، انكمش فائض التجارة القطري، بنسبة تزيد على 5% بعد زيادة سنوية تتجاوز 70%، وتراجع الفائض التجاري بقيمة 11 مليار ريال، واللجوء إلى تركيا وإيران للاستيراد منهما لن يحل المشكلة، بل فاقم من تكلفة الاستيراد التي زادت بمعدل 10 أضعاف، وهذا ما اشتكى منه وزير الخارجية القطري، واستخدم هذه النقطة لاستعطاف الدول الأوروبية. وترى الشامسي أن قطاع التشييد والبناء تضرر وانعكس ذلك على استعداد قطر لتنظيم مونديال 2022، القطاع شهد تعثراً بسبب مشاكل النقل، بل أصيب بشلل جراء إغلاق المجال الجوي والطرق، ما أثر على أرباح شركات المقاولات، وبدأت تطالب بزيادة في تكلفة التشييد. ولفتت الشامسي الانتباه إلى أن سوق العقارات القطري سجل هبوطاً كبيراً، فبعد مبيعات بلغت 830 مليون دولار في عام 2017 تراجعت المبيعات إلى 318 مليون دولار في 2018.
وفيما يتعلق بالمشهد الإعلامي خلال عام من المقاطعة، أشار الإعلامي الجزائري خالد بن ققة، إلى أنه في شهر سبتمبر ذكرت قناة العربية أنه خلال 3 شهور فقط من الأزمة، أنتجت وسائل الإعلام القطرية 20 ألف مادة خبرية وتحليلية مفعمة بالأكاذيب.
قال بن ققة: "إن الحديث يدور حول معركة أخيرة للإخوان طالما أنهم وجدوا من خلال التجربة المصرية أن الإشكالية الحقيقية لديهم هي الإعلام. وهناك ملمح يتمثل في أننا نكاد نخاطب أنفسنا في هذه الأزمة". النظام القطري يذهب بعيداً في الإعلام اللاأخلاقي، في حين لا تستطيع الدول الخليجية مجاراته في هذا الاتجاه". "الجزيرة" تتبنى خطاباً دينياً، وهناك من يسعى إلى توظيف المفردات بطريقة تؤثر على الجمهور. وإذا أردنا أن نصف قطر فعلينا اعتبارها "خلية نائمة" لكن على مستوى دولة وليس جماعة أو تنظيماً.
وأضاف: "وبرغم التغطيات الإعلامية في دول المقاطعة الأربع، والتي تلتزم مقاربة أخلاقية، فإن التعامل الإعلامي الذي ينتهجه القطريون ينتهج مسارات تؤول به إلى نتائج غير أخلاقية. نحن أمام خطاب غير أخلاقي يبثه الإعلام القطري، ليعكس أن قطر خلية نائمة تتحرك.. قطر من 1996 إلى الآن دولة مختصرة في قناة تلفزيونية، الدوحة تبث خطاباً يهدف لحالة من الفوضى، خطاب يروج للعنف وتكسير صورة أي بطل يحظى بقبول اجتماعي، وهذا ما يفسر تطاول الإعلام القطري على قيادات خليجية كبيرة. وعلى طول السنوات التي مرت، وبرغم أدوار قامت بها قطر للوساطة في بعض النزاعات داخل المنطقة، فإنها تبث حالة من الفوضى يتم توظيفها في أجندة خارجية".
وتابع: "الخطاب الإعلامي الراهن يصر على "حوار مع الذات"، ففي الدول الأربع التي تقاطع قطر، علينا مراجعة الخطاب الإعلامي والبحث عن بدائل له، والتركيز على تصدير الفكر الإيجابي في السياق المحلي عبر الإعلام، ومن ثم تصديره للعالم، فالتعاون الخليجي مثل اتحاد دولة الإمارات قائم على أساس المحبة. محبة، تحقق المصلحة الوطنية والقومية. ولا ينبغي أن يسحبنا النظام القطري بعلاقاته ومصالحه إلى مجال الكراهية".