رغم التوترات الأمريكية الإيرانية.. قطر لن تتخلى عن ارتباطها بنظام الملالي

  • 40792189_401

كشفت الدعوة الإيرانية للتفاوض مع أمريكا في قطر، عقب زيارة سرية قام بها وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إلى طهران، جانب عن استنفار قطري لمحاولة إنقاذ نظام الملالي الإرهابي، ومن جانب آخر عن حالة فزع من نظام الملالي وحلفائه من مغبة المصير الذي ينتظرهم عندما تحين لحظة الحساب.

وذكر مراقبون أن تطورات الأزمة، عبر إشارات تطلق من هنا وهناك، تشير إلى أنّ الأزمة وإن تفاقمت لن تقود إلى مواجهة شاملة، ما يعني في مجمله، أنّ التحالفات والصراعات القائمة، باقية على حالها، حتى وإن بدا أنها تصل إلى طريق مسدود.

التوترات الحالية بين واشنطن وطهران، لن تثني النظام القطري عن فرط عقد تحالفه مع نظام الملالي الإيراني الذي قام مع المقاطعة العربية للدوحة عام 2017، فهو تحالف يظهر في رقع وأماكن عديدة، فهي متفقة مع الموقف الإيراني في العراق ومع الموقف الإيراني في اليمن.

لكن على الجانب الآخر تتمتع قطر بروابط مصالح مع أمريكا، تتمثل في استثمارات بالمليارات في السوق الأمريكية، إضافة إلى استضافة قاعدة العديد القطرية الآلاف من الجنود الأمريكين، لا سيما قاعدة السيلية، التي تستخدمها القيادة المركزية الأمريكية مقرا للتحضير للعمليات العسكرية.

ومع تزايد التوتر في الخليج وإعلان العاهل السعودي الملك سلمان دعوة الدول العربية والخليجية لعقد قمتين طارئتين لمناقشة التطورات في المنطق وخطر المد والتدخلات الإيرانية، وادعاء قطر عدم دعوتها، يتكشف عنها بعد قطر وانسلاخها من محيطها الخليجي.

ويبدو أن سياسات عصابة الدوحة الانتهازية وعلاقاتها المشبوهة مع الجماعات الإرهابية ونظامي إيران وطهران، أخرج قطر عمليا من المنظومة العربية والخليجية، حتى غدت وكأنها تتمسك بصعوبة مع ما تبقى من علاقاتها، في نتيجة تعد طبيعية لمن راهن على الفوضى وتدمير الشعوب العربية.

لكن رغم الروابط القطرية المتضادة مع أمريكا وإيران، يبدو أن قطر ترقص على حبلين قد ينقطعان في أي وقت، ففي أوج الأزمة بين أغلب دول الخليج وقطر، تحرص الإمارة الصغير على دعم نشاط الدول الداعمة لنظريات الإسلام السياسي، وأيضا الجماعات الإرهابية المتطرفة.

سياسات عصابة الحمدين الداعمة للإرهاب، ذهبت إلى حد التحالف مع نظام الملالي بإيران، رغم عدم تناغم العقائد المذهبية، ففضل النظامين ترك الخلافات المذهبية جانبا، والتركيز على تعميق تحالف سياسي اقتصادي وربما عسكري مع تطابق تام في وجهات النظر تجاه الإسلام السياسي وتأثيره على المنطقة.

لكن هذا التقارب مع إيران والذي شمل افتتاح مصارف إيرانية في الدوحة، والعكس في طهران، ومصالح تجارية تبلغ قيمتها مليارات الدولارات يبدو اليوم على المحك، فالتصعيد بين الولايات المتحدة وبين إيران، عمّق الانشقاق في الشرق الأوسط، حيث يتساءل المحللون والمراقبون عن أي مدى يمكن لقطر أن تنحاز لإيران وأن تمضي في التصعيد.

ويرى خبراء ومراقبون أن إيران عندما تختار قطر مكانا للتفاوض مع أمريكا، فهذا دلالة على قوة التحالف بين البلدين من جانب، وثقة كلا النظامين في بعضهما البعض، كونهما يدركان أن مصالحهما واحدة في دعم الإرهاب وزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة.

المقترح الإيراني شبه الرسمي بإجراء مباحثات إيرانية مع أمريكا في قطر أو العراق، يبدو أنه جاء بإيعاز من الدوحة، في مسعى واضح لدعم حليفتها إيران المأزومة، على خلفية تصاعد التوتر عسكريا مع واشنطن، ومحاولة أخرى للخروج من عزلتها الدولية المفروضة عليها منذ إعلان الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب مقاطعتها في 5 يونيو 2017 لدعمها الإرهاب.

وسواء كان المقترح الإيراني بإيعاز من الدوحة لطهران أو العكس، فإن الدلالات واحدة، وتعكس حجم التنسيق الثنائي والتآمر المشترك، كما يعكس أيضا حالة فزع من نظام الملالي وحلفائه من مغبة المصير الذي ينتظرهم، مع إرسال الولايات المتحدة تعزيزات عسكرية إلى الخليج العربي، وإعلان السعودية ودول خليجية الموافقة على طلب أمريكي بإعادة نشر قواتها بمياه الخليج لمواجهة إيران.

هذا الفزع القطري والخوف على إيران، من أن تقوم أمريكا بتوجيه ضربة موجعة لها، تجسد بشكل واضح في تغريدات حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر السابق، وأحد عناصر تنظيم "الحمدين" الذي يدير سياسة قطر حتى الآن، الذي انبرى في تغريداته مدافعا عن طهران في ظل التوتر الحاصل، ومهاجما دول الخليج التي تحاول كبح جماحها.

من هنا، يبدو أن قطر، التي افتضح أمر إرهابها بعد مقاطعة الدول العربية الداعية لمكافحة الإرهاب لها في ٥ يونيو عام 2017، لا تزال تصر على تقديم فروض الولاء والطاعة لنظام حليفتها طهران المتورطة بتنفيذ مخططات تخريبية إقليمياً ودولياً.

لذلك لم يكن غريباً أن تعلن قطر، مطلع مايو الجاري، رفضها العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران من أجل التصدي لإرهابها وسلوكها العدائي في المنطقة ودعم المليشيات المسلحة لإثارة الفوضى، وكذلك بعد أقل من شهر من رفضها قرار واشنطن بتصنيف "الحرس الثوري" الإيراني منظمة إرهابية، ثم تهب لنجدة إيران عبر زيارة سرية لوزير خارجيتها.

ويأتي هذا الفزع الإيراني القطري في ظل تواتر حديث عن تورط طهران ووكلائها في تعرض 4 سفن قرب المياه الإقليمية للإمارات إلى أعمال تخريبية الأحد الماضي، فضلا عن الهجوم الذي تعرضت له محطتا ضخ بترول في السعودية بعدها بيومين.

لذا فإيران بدعم قطري، ترغب من التفاوض، فضلا عن محاولة النجاة بأفعالها، محاولة فتح طريق للحوار مرة أخرى مع الولايات المتحدة، للعودة مرة أخرى للاتفاق النووي أو على الأقل محاولة تخفيف آثار العقوبات الأمريكية عليها.

كما أن وجود قاعدة عسكرية أمريكية على أرض قطر حليفة إيران، يجعل قطر أكثر حرصا على تهدئة التوترات بين طهران وواشنطن، للحفاظ على مصالحها مع الطرفين، لكن حتى إذا تتطور الوضع واندلعت الحرب، فإن نظام الحمدين يخطط لتكون في العراق وليس على بوابات هرمز أو على مرمى قاعدة العديد.

وترغب الدوحة من خلال إنقاذ إيران، إلى تفادي أي إحراج لها بعد وصول وحدة من قاذفات B-52 الأمريكية، إلى قاعدة "العديد" في قطر، ضمن التعزيزات العسكرية الأمريكية لردع نظام طهران عن القيام بأي اعتداء على المصالح الأمريكية في المنطقة، وهو ما يعني أن الانطلاقة لتوجيه ضربات لإيران، حال تصاعد التوتر، ستكون من قلب حليفتها قطر، وهو ما يثبت أن وجود قاعدة أمريكية لا يعني حماية نظام الحكم في الدوحة، بل هي قاعدة للاستخدام الأمريكي لا القطري.

وتوجد في قطر قاعدة العديد الجوية الأمريكية التي تقع على بُعد 30 كم جنوب غرب العاصمة القطرية الدوحة، وتعد أكبر قاعدة جوية أمريكية في الخارج، وواحدة من أهم القواعد العسكرية الأمريكية في الخليج.

ويتمركز بها نحو 11 ألف عسكري أمريكي، غالبيتهم من سلاح الجو، وتضم القاعدة المقرات الرئيسية لكل من القيادة المركزية للقوات الجوية الأمريكية والمركز المشترك للعمليات الجوية والفضائية والجناح الـ379 للبعثات الجوية.

وبدأ الأمريكيون في إدارة القاعدة منذ عام 2001، وفي ديسمبر 2002 وقعت الدوحة وواشنطن اتفاقا يعطي غطاء رسميا للوجود العسكري الأمريكي في القاعدة، وبالتالي فإن التحركات الأمريكية من القاعدة، على غير إرادة قطر، ستشكل صفعة قوية ليس لطهران فحسب بل لحليفها تنظيم الحمدين أيضا.

لكن في قراءة لأسوأ سيناريو، يمكن أن تنطلق طائرات أمريكية من قاعدة العديد لتقصف أهدافا إيرانية، وهذا سيضع قطر أمام خيار صعب في هذه الحالة، يشير الخبير الاستراتيجي مهند العزاوي، إلى أن الدوحة لا تستطيع أن تمنع استخدام القواعد الأمريكية، نظراً للمواثيق بينها وبين الولايات المتحدة، وحسب نظام القدرة الأمريكي فهذه القواعد مخصصة لعمليات أعالي البحار، ولكن وقوع هذا الاحتمال لا يغير من موقف قطر السياسي حسب وجهة نظري.

ويوضح العزاوي أنه قطر ليست الوحيدة التي تحاول لعب دور الوسيط بين أمريكا وإيران لخفض التوتر في المنطقة، بل أيضا هناك العراق وسويسرا، لكن وساطة قطر تعد الأهم حيث تربطها علاقات قوية بطهران.

ويعتقد الخبير الاستراتيجي أن قطر لن تتخلى عن ارتباطها بإيران، فلا يوجد ملامح لهذا الاحتمال حتى الآن.

وتشير الكاتبة نورا المطيري إلى أنه بعيدا عن محاولات الدوحة، فإن الواقع يؤكد عدم سعي إيران إلى الحرب، قائلة: "لا تريد حرباً ولا سلماً، وتظن أن سياسة المماطلة والتسويف والالتفاف والقفز، التي استعملتها خلال العقود الماضية، سوف تفلح هذه المرة، لكنها لا تدرك الفرق".

وتوضح المطيري: "يبدو أن رسائل التطمين التي تصلها، عبر حلفائها وعملائها، جعلها متأكدة أن الحرب لن تقع، وأن فريق أوباما، الذي منع هجوماً أمريكياً على سوريا في العام 2013، بقرار إسرائيلي، سوف ينجح بإقناع إسرائيل مرة أخرى، أن لا تقع الحرب، وتدريجياً، تتقدم إيران نحو اتفاق نووي جديد".

وتابعت: "صحيح أن الحرب، تأتي بغتة، وقد تنتهي بسرعة أو تطول، لكن إيران الخاسرة في كل الأحوال، ستخضع أخيرا، لأمريكا ودول المنطقة، فيما يتعلق بالاتفاق النووي".

إقرأ أيضًا
ذا إنڤيستيجيتيڤ چورنال: الدوحة مولت الإخوان في هولندا والاستخبارات حذرت من خطرهم

ذا إنڤيستيجيتيڤ چورنال: الدوحة مولت الإخوان في هولندا والاستخبارات حذرت من خطرهم

خلال الأعوام التالية لـ2008، بات واضحًا تركيز استراتيجية الإخوان على المدن الكبيرة، وخاصة أمستردام وروتردام؛ إذ ركزت الجماعة على الهولنديين الذين اعتنقوا الإسلام والجيل الثالث من المسلمين

ضاحي خلفان: إخوان اليمن يستمدون فتاوى الهجمات الانتحارية من القرضاوي

ضاحي خلفان: إخوان اليمن يستمدون فتاوى الهجمات الانتحارية من القرضاوي

تاريخ القرضاوي ملء بالفتاوى العدوانية الشاذة ومنها أنه أفتى بالقتال ضد القوات المسلحة والشرطة في مصر ووصف مؤيدي ثورة 30 يونيو بالخوارج