ساطع الحاج.. غراب الحمدين لتفريق السودانيين

  • ساطع الحاج

مع سقوط نظام عمر البشير الإخواني بعد أكثر من أربعة أشهر من الاحتجاجات الشعبية المتواصلة التي شهدها السودان منذ ديسمبر 2018، انتهى معه مشروع الحمدين الخبيث، ليشهد النفوذ القطري في القارة الأفريقية تراجعا حادا لا يمكن إنكاره، لذا لم يكن غريبا أن يستدعي تميم العار جرذانه وتصعيدهم من اجل استكمال المهمة القذرة ببث الفرقة بين أبناء بلاد النيلين.

لكن مع شعور قطر بأنها أصبحت خارج مدار اللعبة السودانية، بحثت عن أتباع جدد قد يكونوا مؤثرين داخل العملية السياسية الجارية في البلد العربي،  ليقع الاختيار على ساطع الحاج، رئيس الحزب الناصري، والقيادي بقوى الحرية والتغيير، ليمثل الدور الجديد في تحريك دفة الخرطوم نحو الدوحة مرة أخرى، خاصة بعد إغلاق المجلس العسكري الباب في وجه تميم العار وحاشيته، والإبقاء على العلاقات الدبلوماسية الرسمية.

قطر أدركت أنه لا سبيل لكسب ود المجلس العسكري الذي انحاز للثوابت السودانية ورفض المؤامرات القطرية، لتتخذ الدوحة الطريق الآخر وهو استقطاب سياسيين من بينهم ساطع الحاج كورقة سياسية للمناورة بها، خاصة بعدما وقع حزبه على إعلان الحرية والتغيير، وأصبح عضوًا بوفد التحالف في المفاوضات مع المجلس العسكري حول تسليم السلطة للمدنيين.

واعتمد تنظيم الحمدين في استقطاب "الحاج" على صلاح الدين الزين، رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية التابع لقناة الجزيرة، نظرا لعلاقته الوطيدة به، حيث دعاه للقدوم إلى الدوحة تحت مبرر المشاركة في ندوة علمية بعنوان "الثورة السودانية.. تحديات الانتقال وإعادة البناء"، شاركه فيها أحمد أبوشوك أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة قطر، وإدريس سليمان الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي (الإسلامي)، والناشطة السياسية ناهد محمد الحس، ومحمد عصمت يحيى القيادي في الحرية والتغيير، بالأقمار الصناعية من الخرطوم.

الزيارة التي قام بها ساطع الحاج إلى دوحة التطرف، دون أي علم من قبل تحالف "قوى إعلان التغيير"، كشفت عن علاقة مشبوهة بينه وبين عصابة الحمدين، كمحاولة ضمن محاولات قطرية عديدة لاستقطاب شخصيات سودانية للتأثير على مسار الثورة في السودان لصالح الدويلة الراعية للإرهاب وحلفائها، من استعادة مصالحهم الضائعة في بلاد النيلين.

وعلى الرغم من أن حكم جماعة الإخوان انتهى في السودان بلا رجعة، إلا أن قطر لا تزال تبحث عن سبيل لإعادتهم إلى الحكم مرة أخرى، أو التأثير فيه، بشكل مباشر أو غير مباشر، مهما كلفها ذلك، لذا تسعى لشراء بعض الشخصيات السياسية ممن لا يراعون مصلحة الوطن بالمال تارة، وبالوعود السياسية تارة أخرى.

الشبهات التي تؤكد علاقة ساطع الحاج المثيرة للجدل بالنظام الحاكم في قطر، لم تتوقف عند زيارته للدوحة في رحلة مشبوهة، بل امتد الأمر إلى استضافته في العديد من أبواق الحمدين ومنصات مستشار تميم الصهيوني عزمي بشارة، ومنها الجزيرة والعربي والجديد والقدس العربي وغيرها من الوسائل الإعلامية التي يحرك تروسها المال القطري الخبيث، لتنتج أكاذيب وافتراءات وأوهام.

وخلال ظهوره الدائم على قناة الجزيرة، سعى ساطع الحاج إلى إطلاق الأكاذيب والأوهام محاولا إلصاق التهم بقيادات المجلس العسكري في الخرطوم، كما سعى إلى تأليب المتظاهرين والترويج للعنف ضد الجيش السوداني وقوات الأمن، والتحريض على عدم الامتثال للمطالب الداعية للتهدئة وفرض الأمن في الشارع السوداني.

محللون متابعون لتحركات ساطع الحاج أكدوا أن زيارة رئيس الحزب الناصري، والقيادي بقوى الحرية والتغيير إلى الدوحة أثارت جدلا في الأوساط السودانية، التي صنفت هذه الزيارة في خانة المساعي القطرية لاختراق تحالف الحرية والتغيير، وتوظيف ما يضمه من طيف سياسي ومهني واسع في استقطاب بعض عناصره، بما يمنع صعود قوة سودانية مناوئة لمصالحها في المنطقة. 

النقاش الذي دار في الندوة المشبوهة بالدوحة، كشف أن الأمر يتجاوز حدود الحوار بشأن تحديات المرحلة الانتقالية في السودان، حيث عكست الندوة التي نظمها صلاح الدين الزين رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية التابع لقناة الجزيرة، موقفا حادا من المجلس العسكري، ورصد المتابعون تصعيدا مبالغا فيه حيال تنفيذ جميع مطالب الحرية والتغيير.

واعتبر المراقبون أن هذه الندوة بما دار فيها من حديث تساهم في حالة التعقيد وتأزم الأمور في السودان، وتنظيمها في مثل هذا الوقت ومشاركة قيادي من قوى التغيير فيها يعتبران بمثابة صب للمزيد من الزيت على النيران لحرق الترتيبات الجادة بشأن التفاهم حول الحكم خلال المرحلة الانتقالية.

وأوضح الكاتب والصحافي السوداني خالد التيجاني، أن زيارة ساطع الحاج للدوحة ترتبط مباشرة بما تسعى إليه قطر من رغبة في تنويع علاقاتها مع القوى السياسية داخل السودان.

وأضاف أن قطر خسرت كثيرا بعد سقوط البشير، وتسعى إلى التماسك والتعامل مع الوضع الجديد في السودان وتقليل خسائرها، وتعي صعوبة أن يكون هناك إقصاء تام لأي من القوى السياسية الموجودة، وتحاول تطوير علاقاتها لتدعم تنظيم الإخوان.

وتبدو القوى السياسية متماسكة وثابتة على مواقفها الوطنية، وتسير في اتجاه التصميم على دولة مدنية ديمقراطية، وهو ما يتقبله المجلس العسكري ويقر بتطبيقه، مع تحفظ بسيط ينبه إلى ضرورة مراعاة العراقيل التي تضعها قوى جعلت نجاح ثورة السودانيين في كفة، وحضور الإسلاميين والإخوان في كفة مقابلة.

وأكدت الأحداث الأخيرة أن الكفة الثانية خاسرة لا محالة، وهو ما دفع الدوحة إلى السعي حثيثا نحو جذب وإغراء شخصيات سياسية لتبني رؤيتها في استعادة الخرطوم إلى صفها والتأثير على مستقبل السودان، الذي قررت قيادته التحلل من محور قطر وتركيا، والانحياز إلى الدول التي تقف بالمرصاد للتنظيمات المتطرفة.

لكن تتغافل الدوحة عن حقيقة التطورات على الأرض، وترفض الاعتراف بأن حكم جماعة الإخوان انتهى، كما أن تجربة عمر البشير تجعل الشيء الوحيد تقريبا الذي يتفق عليه أغلب السودانيين هو رفض هيمنة الحركة الإسلامية ومنع عودة ذراعها السياسية حزب المؤتمر الوطني، وتجفيف جميع مؤسسات الدولة من العناصر التابعة له.

وتدخل السودان مرحلة جديدة في الفترة الانتقالية التي تمر بها سياسياً بعد الإطاحة بحكم الرئيس السوداني عمر البشير في 11 أبريل الماضي من قبل المجلس العسكري في أعقاب تظاهرات شعبية حاشدة، وذلك بعدما توصل المجلس العسكري الانتقالي الحاكم وقوى الحرية والتغيير إلى اتفاق من أجل تشكيل المجلس السيادي الذي سيدير البلاد لمدة 3 سنوات أو أكثر قليلاً بعد مفاوضات مباشرة بوساطة أفريقية.

وجرى الاتفاق على أن يكون أعضاء المجلس منقسمين ما بين 5 عسكريين ومثلهم من المدنيين فيما يكون العضو الحادي عشر مدنياً من خلفية عسكرية، بينما ستكون رئاسة المجلس السيادي بالتناوب ولمدة 3 سنوات على الأقل، مع تعهدات بالتحقيق الشفاف في أحداث العنف التي شهدتها الخرطوم خلال الفترة الماضية.

كما تضمن الاتفاق الذي يجري صياغته بشكل نهائي راهناً تمهيداً للاحتفال بتوقيعه ودعوة رؤساء دول وممثليهم للحضور على أن يتم  تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة، وإرجاء إقامة المجلس التشريعي إلى ما بعد تشكيل الحكومة،

وتعهد رئيس المجلس العسكري، عبد الفتاح البرهان، بتنفيذ بنود الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع قوى الحرية والتغيير، مؤكداً على أن الشراكة هي الهدف المعلن لتحقيق السلام والعدالة في السودان بوقت لا ينتظر أن تجرى فيه الانتخابات الرئاسية بالسودان قبل النصف الثاني من 2022 أو مطلع 2023 لاختيار رئيس جديد.

إقرأ أيضًا
ذا إنڤيستيجيتيڤ چورنال: الدوحة مولت الإخوان في هولندا والاستخبارات حذرت من خطرهم

ذا إنڤيستيجيتيڤ چورنال: الدوحة مولت الإخوان في هولندا والاستخبارات حذرت من خطرهم

خلال الأعوام التالية لـ2008، بات واضحًا تركيز استراتيجية الإخوان على المدن الكبيرة، وخاصة أمستردام وروتردام؛ إذ ركزت الجماعة على الهولنديين الذين اعتنقوا الإسلام والجيل الثالث من المسلمين

ضاحي خلفان: إخوان اليمن يستمدون فتاوى الهجمات الانتحارية من القرضاوي

ضاحي خلفان: إخوان اليمن يستمدون فتاوى الهجمات الانتحارية من القرضاوي

تاريخ القرضاوي ملء بالفتاوى العدوانية الشاذة ومنها أنه أفتى بالقتال ضد القوات المسلحة والشرطة في مصر ووصف مؤيدي ثورة 30 يونيو بالخوارج