علي كنه.. دمية الحمدين العسكرية في سبها الليبية

  • الفريق علي كنه

يواصل تنظيم الحمدين نشر أذرعه المسمومة في ليبيا، لعرقلة بناء الدولة من أجل تمكين الإخوان المتطرفين، فألقى بثقله خلف الإخواني فايز السراج رئيس حكومة الوفاق، والذي استعان هو الآخر بالفريق ركن علي كنه، أحد أنصار معمر القذافي.

وأصدر رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، فايز السراج، يوم الأربعاء الماضي، القرار رقم 15 لسنة 2019، بتعيين الفريق ركن علي سليمان كنه، آمرا لمنطقة سبها العسكرية، حيث نصت المادة الثانية من القرار على العمل به من تاريخ صدوره.

ولا عجب في ذلك، فهذه عادة تنظيم الحمدين، الذي وجه دعمه نحو الخارجين عن القانون والمتطرفين في أنحاء ليبيا، بداية من الإخوان، وقادة المعارضة التشادية محمد حكيمى، وعبدالحكيم بلحاج وإبراهيم الجضران، ورئيس غرفة ثوار ليبيا شعبان هدية، وحتى رئيس اتحاد قوى المقاومة UFR في تشاد تيمان إرديمي، وعلي الصلابي والذين يعملون على نشر العنف والإرهاب في الجنوب الليبي.

الفريق كنه بدوره كان قد مهد سابقا للارتماء في أحضان تنظيم الحمدين، عندما أكد في عدة محافل، عدم اعترافه بالقيادة العامة للجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، ويبرر ذلك بعدم وجود قيادة عسكرية موحدة بسبب الانقسامات السياسية، إلا أن موافقته على تولي قيادة منطقة سبها العسكرية، تضعه مباشرة في مواجهة حفتر الذي سيطرت قواته على المدينة ومحيطها بشكل كامل مؤخرا.

ويرى مراقبون أن التكليف الجديد قد يدفع إلى اشتباكات أكبر بين القوات التابعة لحكومة الوفاق، وقوات الجيش الليبي المتمركزة في الشرق بقيادة المشير خليفة حفتر.

السراج وسيده تميم العار، لا يهمها أمر الاقتتال بين أبناء الوطن الواحد والمرحلة الدموية التي قد تصل إليها ليبيا، بعد وضع علي كنه في وجه الجنرال خليفة حفتر، طالما وجد من هو مستعد للتضحية ببعض أبناء قبيلته من أجل إظهار وجود مقاومة للجيش مهما كان شكلها.

والفريق ركن علي سليمان محمد كنه، من مواليد سنة 1947 بلدة تقرطين في وادي عتبة قرب مرزق جنوب ليبيا، وهو شقيق الرائد أبوبكر كنه الحاصل على النجمة الذهبية، والذي شغل منصب آمر القوات الخاصة الصاعقة المشاركة في حرب تحرير لبنان والمغتال في النيجر على يد الموساد الإسرائيلي.

تخرج كنه المنتمي لقبائل الطوارق سنة 1967 من الكلية العسكرية في ليبيا، وكان من المشاركين في انقلاب ثورة الفاتح من سبتمبر سنة 1969، وهو من الضباط الوحدويين الأحرار التي شكلها القذافي أواخر الستينيات للإطاحة بالنظام الملكي الليبي.

تقلد علي كنه عدة مناصب منها: آمر كتيبة الهاون 120 بلواء ناصر في مدينة المرج شرق ليبيا، وآمر كتيبة 96 مدفعية بمدينة طبرق وذلك إبان أحداث مصر، وآمر الفوج الثاني مدفعية بمدينة زليتن، وآمر لواء الصواريخ، وآمر منطقة سبها الدفاعية، وآمر الشرطة العسكرية بالمنطقة الجنوبية، وانتدب أمينا للجنة الشعبية للعدل، وآمر لواء المغاوير ومنطقة أوباري الدفاعية الحدودية، قبل أن يتم تعيينه منذ أيام من قبل المجلس الرئاسي المدعوم من جماعة الإخوان آمرا لمنطقة سبها العسكرية.

ونجا هذا الضابط من الموت عدة مرات، ففي عام 2009 أصيب كنه بمرض السرطان القاتل، لكنه عولج منه وتماثل للشفاء، وبعدها تعرضت طائرة عسكرية كانت تقله للسقوط قرب منطقة تمسة الليبية، حيث نجا رفقة أحد أفراد طاقم الطائرة وتوفي أربعة آخرون.

برز علي كنه كواحد من أهم القادة العسكريين المخلصين لنظام القذافي في الجنوب الليبي، حيث يعتمد في جيشه على الآلاف من أبناء قبيلته الطوارق، بينهم أكثر من 80 ضابطًا.

إبراهيم الدوباشي، مندوب ليبيا السابق لدى الأمم المتحدة، كشف في مقال له عبر صحيفة العنوان الليبية، كيف كوّن الفريق ركن علي كنه جيشه في الجنوب الليبي، قائلًا إن اللجنة الشعبية العامة أصدرت القرار رقم 328 بتاريخ 2009/7/14، والذي منحت بموجبه الجنسية العربية لألف وسبعمائة واثنين وعشرين (1722) من الطوارق المجندين في لواء المغاوير، ومن بينهم ثلاثة وثمانون (83) ضابطا. ويشمل القرار كذلك زوجاتهم وأبنائهم.

ويوضح الدوباشي أن علي كنه بوصفه آمر لواء المغاوير في هذا الوقت، وهي إحدى كتائب القذافي الأمنية، استغل حاجة النظام لأبناء قبيلته الذين كانوا يحملون الجنسية المالية، خلال الثورة، ليخاطب أمين مكتب السجل المدني في أوباري في شهر مايو 2011، ويطلب منه إتمام إجراءات منح الجنسية للضباط الثلاثة والثمانون الواردة أسماؤهم في قرار اللجنة الشعبية العامة، العاملين في اللواء الذي يقوده، لإدراجهم في السجل المدني للمواطنين الليبيين، ومنحهم كتيبات العائلة.

"كنه" كان يهدف إلى خلق سابقة يتم الاقتداء بها فيما بعد، لتطبيع وضع جميع المجنسين الطوارق بالجنسية العربية، غير أن مسؤولي السجل المدني لم يستجيبوا للطلب في حينه بسبب إدراكهم لخطورته على البنية السكانية في الجنوب الليبي، والاستقرار في البلاد، لكن الدوباشي أشار إلى أن ما حدث بعد ذلك لم يعلمه، في ظل الفوضى القائمة.

المتمتعون بهذا القرار، يضاف إليهم العسكريون الطوارق الليبيون، يمثلون جيش علي كنه وعدده بين 2500 و3000، وربما يزيد، إذ تمكن من جمعهم واستدعاء الجزء الأكبر منهم الموجود في مالي، مع الحركة الوطنية لتحرير أزواد منذ سقوط القذافي.

لا يخلو هذا القرار الأخير الذي اتخذه فايز السراج بتعيين علي كنه آمرًا لمنطقة سبها العسكرية، من رائحة تنظيم الحمدين النتنة، التي تسود في أي مكان يدب فيها قدمه الفاسدة.

طلال الميهوب، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي، وصف في بيان له الخميس، تعينات المجلس الرئاسي بالمنطقة الجنوبية بـ(الإجراءات غير المسؤولة)، مشيرًا إلى أنها تحمل في طياتها لمسات قطر، لافتاً إلى أن الغرض منها خلط الأوراق وإثارة الفتنة والرعب بين أهل المنطقة الجنوبية بشكل خاص، وليبيا بشكل عام.

لجنة الدفاع والأمن القومي طالبت في بيانها، والذي نشرته وسائل إعلام ليبية، الشرفاء للوقوف صفا واحدا خلف المؤسسة العسكرية في طرد هذه العصابات، وإفشال مشروع قطر في ليبيا، ورفض كل ما يصدر عن المجلس الرئاسي، واصفا إياه بـ"غير الدستوري" تحديدا في الأمور العسكرية.

وأشارت اللجنة في بيانها إلى أن ما يصدر عن المجلس الرئاسي تحديدا في الأمور العسكرية دليل واضح على تحالفه مع الإخوان المسلمين وتيارات القاعدة برعاية قطرية، من أجل البقاء في ظل الفوضى وإنعدام الأمن.

تزامنت خطوة تعيين علي كنه آمرا لمنطقة سبها، مع سيطرة وحدات من الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر على حقل الشرارة النفطي ومدينة أوباري في إطار عملية واسعة بجنوب غربي البلاد، ما يؤكد عزم حكومة الدوحة بقيادة تميم العار في نشر الفوضى ومنع سيطرة الجيش الوطني على الجنوب الليبي مستخدمًا دميته الجديد.

وبعد ساعات من إعلان القيادة العامة للجيش الليبي تحقيق نجاحات كبيرة في الجنوب، تعرضت الكتيبة 177 في مدينة أوباري، لهجوم من قبل مسلحين يعتقد أنهم يتبعون الفريق علي كنه.

وقبل يوم من تعيين علي كنه من قبل السراج آمرا لمنطقة سبها العسكرية، أصدر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق المدعومة من تنظيم الحمدين، بيانا أدان فيه حملة الجيش الوطني ضد قوات المعارضة التشادية والجماعات الإرهابية في المنطقة الصحراوية بجنوب غربي البلاد، شاجبا ما وصفه بـ"التصعيد العسكري الذي يحدث في بعض مناطق الجنوب الليبي، والتي كان آخرها القصف الجوي الذي تعرضت له مدينة مرزق وضواحيها".

وفي السياق ذاته، أمر السراج قائد المنطقة العسكرية الغربية أسامة الجويلي، بإرسال قوة من حرس المنشآت النفطية إلى حقل الشرارة، بهدف تأمينه، إلا أن وحدات الجيش الوطني التابعة للجنرال حفتر سارعت إلى السيطرة على الحقل، ما يفتح الباب لاحتمالات وقوع صدامات بين الجيش الوطني من جهة وقوات جويلي وكنه من جهة أخرى.

وتأتي هذه التطورات بينما تمكن الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، من السيطرة على مدينة سبها، وذلك في إطار عملية عسكرية تهدف لدحر "الجماعات الإرهابية والإجرامية والعصابات العابرة للحدود".

وكان الناطق باسم الجيش الليبي العميد أحمد المسماري، اتهم في عدة مناسبات قطر بالعمل على زعزعة الاستقرار في الجنوب الليبي، وإنزال أسلحة لدعم الإرهابيين في تلك المنطقة الاستراتيجية.

والأسبوع الماضي، قال المسماري، في مؤتمر صحفي عقده في مدينة بنغازي، إن الجيش يقاتل في الجنوب، تنظيم الإخوان، عبر الإرهابي علي الصلابي "المقيم في قطر"، الذي يشرف على ميليشيات الدروع و"أنصار الشريعة".

ويتحالف الصلابي مع إبراهيم الجضران، الذي مثل تنظيم القاعدة الإرهابي ومجموعات إرهابية إفريقية، مشيرا إلى أن الجضران وأتباعه هاجموا الهلال النفطي أكثر من مرة، وفق المسماري.

وفي الحلف أيضا المعارض التشادي، تيماي أرديمي، الموجود في قطر، الساعي إلى إظهار المعركة في الجنوب الليبي، كأنها بين السكان والجيش، والذي ادعى أن إحدى قواته تعرضت لغارة فرنسية مطلع هذا الأسبوع، إلى جانب الإرهابي أحمد الحسناوي الذي بايع تنظيم داعش الإرهابي.

وكان الجيش الوطني الليبي أطلق في يناير الماضي، "عملية الجنوب" التي استطاع من خلالها استعادة السيطرة على حقل الشرارة، الذي يعد الأكبر في البلاد والواقع في عمق صحراء جنوب ليبيا، فضلا عن تحرير مدينة سبها.

إقرأ أيضًا
ذا إنڤيستيجيتيڤ چورنال: الدوحة مولت الإخوان في هولندا والاستخبارات حذرت من خطرهم

ذا إنڤيستيجيتيڤ چورنال: الدوحة مولت الإخوان في هولندا والاستخبارات حذرت من خطرهم

خلال الأعوام التالية لـ2008، بات واضحًا تركيز استراتيجية الإخوان على المدن الكبيرة، وخاصة أمستردام وروتردام؛ إذ ركزت الجماعة على الهولنديين الذين اعتنقوا الإسلام والجيل الثالث من المسلمين

ضاحي خلفان: إخوان اليمن يستمدون فتاوى الهجمات الانتحارية من القرضاوي

ضاحي خلفان: إخوان اليمن يستمدون فتاوى الهجمات الانتحارية من القرضاوي

تاريخ القرضاوي ملء بالفتاوى العدوانية الشاذة ومنها أنه أفتى بالقتال ضد القوات المسلحة والشرطة في مصر ووصف مؤيدي ثورة 30 يونيو بالخوارج