يبدو أن شح المال القطري سيتسبب في أزمة كبيرة لدى أندية كرة القدم في تركيا، وذلك بعد أن حجبت شبكة تليفزيونية تابعة لقطر نحو 125 مليون دولار، بحجة أنها تسعى لتغيير شروط صفقة البث التي تبلغ قيمتها 500 مليون دولار سنويا، على خلفية تراجع قياسي في مستوى الليرة التركية.

وفي تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" كشفت فيه أن شركة ديجيترك، وهي شركة محلية تابعة لشبكة بي إن القطرية، وقعت عقدًا مدته خمس سنوات بقيمة 2.5 مليار دولار للحصول على حق بث مباريات الدوري التركي الممتاز في العام 2016، حيث كانت المدفوعات، موزعة على مدة الاتفاق، ستُقدم إلى الاتحاد التركي لكرة القدم، نصف بالدولار الأمريكي والآخر بالليرة بمعدل ثابت في ذلك الوقت.

وأوضح التقرير أنه خلال الموسمين الماضيين، أيدت ديجيترك الصفقة، لكن الشركة تجادل الآن بأنها تواجه ضغوطًا غير معقولة، حيث تقول إن هبوطًا نسبته 41% في العملة منذ توقيع الاتفاق في نوفمبر 2016 مَثَلَ "قوة قاهرة".

المأزق الذي يواجهه جهة البث، في الوقت الذي تتعرض فيه أيضًا لتناقص قاعدة المشتركين، يعكس أصداء الشركات التركية الأخرى التي تواجه إيرادات متراجعة من الليرة، بينما تواجه الالتزامات المقومة بالدولار والذي أصبح أغلى بكثير مقارنة بالليرة.

وتضغط ديجيترك القطرية، التي تحول إيراداتها بالليرة إلى عملة صعبة من أجل تسديد مدفوعاتها بالدولار إلى الاتحاد التركي لكرة القدم، على الاتحاد للموافقة على معدل تحويل ثابت.

وكشف التقرير أنه من خلال اقتراح مستوى أقل بكثير من الليرة الحالية، التي وصل سعرها إلى 5.7 مقابل الدولار، تسعى الشركة فعليًا إلى تقليل قيمة صفقة الحقوق بعشرات الملايين من الدولارات.

لكن الاتحاد التركي لكرة القدم والأندية المثقلة بالديون في تركيا، والتي تفاقمت أزمتها مع موسم الانتقالات الصيفية مثل جالطة سراي وبشكتاش وفنربخشة، لا زالوا يُقاومون.

وقال فكرت أورمان، رئيس نادي بشكتاش ويرأس اتحادًا للأندية التركية هذا الشهر: "هناك عقد به شروط وضمانات ومدة".

ورغم أن شركة ديجيترك والاتحاد التركي لكرة القدم اجتمعوا 12 مرة في آخر 45 يومًا، إلا أنه لم يتم التوصل إلى حل.

وقال أحد الأشخاص المطلعين على المفاوضات إن هيئة البث كانت "مخادعة"، بحجة أن المبالغ المعرضة للخطر "ليست كبيرة" بالنسبة لأصحابها القطريين، لكن المديرين التنفيذيين للشركة يشعرون بالإحباط من اعتقاد الأندية التركية بأنها "ستنقذهم" من مشاكلهم المالية، وفقًا لشخص آخر مطلع على المناقشات.

وقالت ديجيترك إنه "من غير العادل بشكلٍ واضح" أن تعمل أي جهة بث وفقًا لشروط اتفاق 2016، مُضيفة أنها وحدها لا يمكنها "تحمل المسؤولية عن الجدوى التجارية للرابطة في هذه الظروف الاقتصادية غير المسبوقة، والتي تؤثر على جميع الشركات".

وبالإضافة إلى تأثير الأزمة على بداية موسم كرة القدم التركي الجديد الشهر المقبل، فالخلاف يعد علامة نادرة على توتر العلاقات بين تركيا وقطر.

وأقامت البلدان صداقة وثيقة على نحو متزايد في السنوات الأخيرة، لكن في نفس الوقت العديد من الشركات القطرية لديها مخاوف بشأن مناخ الاستثمار في تركيا، بعد أزمة العملة التي اندلعت في الصيف الماضي.

الخلاف هو آخر عقبة أمام جهود بي إن لتحويل نفسها إلى مجموعة ترفيه عالمية رائدة، حيث تهيمن على المشهد الرياضي في الشرق الأوسط وتعمل في 43 دولة حول العالم، من قناة للقرصنة قامت ببث محتوياتها بشكل غير قانوني من المملكة العربية السعودية، فيما وصفته بي إن سبورت أنه " سرقة صناعية كاملة".

كما أن هناك نقاط خلاف أخرى بين ديجيترك واتحاد كرة القدم التركي، وفقًا للعديد من الأشخاص المطلعين على مناقشاتهم، والذين قالوا إن جهة البث ومالكيها القطريين شعروا بالإحباط بسبب عدم اتخاذ إجراءات لمنع القرصنة، والتي أضرّت بأعداد المشتركين، إلى جانب استيائهم مما يرونه من تردد من جهة الأندية الكبرى في توفير إمكانية الوصول إلى اللاعبين والمديرين لإجراء مقابلات بعد المباراة من أجل جذب المشاهدين.

تقرير "فايننشال تايمز" يشير إلى أن الأزمة الاقتصادية لأردوغان أربكت حسابات الحمدين، حيث ترغب بي إن سبورت في الهروب ووقف استثماراتها  بأنقرة، بعدما حاولت خد أصبحت الليرة التركية على شفا الانهيار.