فورين بوليسي تحذر ترامب من العلاقة "القطرية-الإخوانية"

  • فورين بوليسي تحذر ترامب من العلاقة "القطرية-الإخوانية"

أصدرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، تقريرًا يحذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من دويلة قطر؛ خصوصًا مع تطور سياساتها السلبية في منطقة الشرق الأوسط بعد عام المقاطعة العربية.

دول المقاطعة الأربع (الإمارات - السعودية - مصر - البحرين) وجهوا العديد من المطالب المشروعة لحكومة تميم التي لم تأبه لها طيلة عام كامل؛ عانت خلاله من آثار سياسية ودبلوماسية واقتصادية مريرة جرّاء المعارضة.

ومطالب الدول الأربع كانت  تتضمن ترحيل يوسف القرضاوي إلى مصر، وهو الأب الروحي لجماعة الإخوان، بالإضافة إلى خالد مشعل قائد حماس، بالإضافة إلى التوقف عن دعم الإرهاب بشكل كامل، والالتزام بالمواثيق والاتفاقيات الدولية.

التقرير أوضح أن قطر كان عليها أن تُوقف دعمها المالي والسياسي للإخوان المسلمين والحركات التابعة له، وللجماعات الإرهابية في جميع أنحاء العالم العربي، بما في ذلك حماس في فلسطين، وجبهة النصرة، ذراع تنظيم القاعدة في سوريا، وقطع جميع العلاقات العسكرية والاستراتيجية مع إيران.

أزمات قطر الحالية لم تكن مستحدثة، فتقرير المجلة الأمريكية يسلط الضوء على الأزمة الأولى التي اندلعت عام 2014، حين قررت السعودية والإمارات والبحرين سحب سفرائهم من الدوحة بسبب دعم قطر للإخوان خلال الربيع العربي (سحبت مصر سفيرها بشكلٍ منفصل).

وانتهى الخلاف عندما وافق الجانب القطري على وثيقة وضعها العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله، والتي نصت على أن قطر ستتوقف عن دعم الإخوان والجماعات التابعة لهم في المنطقة بالكامل؛ في ذلك الوقت، ظلّت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما على الحياد.

أما الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب، دعم الضغط الذي مارسته دول المقاطعة على قطر، واصفًا الدوحة بأنها "مُمول للإرهاب على مستوىٍ عال جدًا"، مثلما راق له مطلب الكف عن دعم دولة إيران.

لكن رغم دعمه السابق، انقلب موقف الرئيس تمامًا. في وقتٍ سابق من ربيع هذا العام، استقبل ترامب أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني في البيت الأبيض، وقال إنه "صديق لي" و"شريك مهم" في الحرب على الإرهاب، ذلك ما وصفته الصحيفة الأمريكية بـ"الخطأ الفادح".

كشفت فورين بوليسي في تقريرها عن خطورة دويلة قطر؛ بسبب تحالفها الدائم والممتد مع جماعة الإخوان المسلمين؛ تلك الجماعة التي نَشرت الفوضى في مصر وليبيا وسوريا، منذ 2011؛ فعلى سبيل المثال، تورطت الجماعة في حادث اغتيال النائب العام المصري هشام بركات عام 2015، والذي أحال الكثير من قادة التنظيم إلى المحاكمة، فضلا عن عدد لا يُحصى من أمثال تلك الهجمات في السنوات الأخيرة.

خطر  جماعة الإخوان لم يقتصر داخل مصر فقط، بل امتد لينبثق عنها جماعات إرهابية لا تقل خطورة مثل القاعدة وتنظيم داعش؛ فقبل عدة أشهر -على سبيل المثال- ظهر زعيم القاعدة أيمن الظواهري في تسجيل دافع فيه عن الإخوان ضد اتهامهم بالإرهاب، مشيدًا  بأحد مؤسسي الأيدولوجية الإخوانية العنيفة سيد قطب؛ بسبب "إشعال الحرب الإسلامية على أعداء الإسلام"، وفقًا لتقرير فورين بوليسي. نفس الأمر كان لزعيم القاعدة السابق، أسامة بن لادن، فطالما كان داعمًا ومُعجبًا بالإخوان وفقًا للوثائق التي عُثر عليها في مَسكنه بباكستان بعد مقتله، حسب التقرير. وفي لقاء عام 2013، كشف يوسف القرضاوي، أكثر الدُعاة أهمية بالنسبة لتنظيم الإخوان العالمي والذي تدعمه قطر منذ أمدٍ بعيد، أن رئيس تنظيم الدولة أبو بكر البغدادي كان عضوًا في جماعة الإخوان المسلمين بالعراق حين كان شابًا. أضاف أن "قادة داعش استمالوه بعد إطلاق سراحه من السجن"، وأن "شبابًا من قطر ودول أخرى انضموا إلى التنظيم"، وفق فورين بوليسي. مما سبق، نجد أن الإخوان وجدوا  قطر ملاذًا آمنًا لهم، والذي يقف وراء هذه العلاقة هو الأمير القطري السابق حمد بن خليفة آل ثاني، الذي آمن بأن مفتاح نجاح الدولة العربية في المستقبل هو قادة أقوياء ذوي أصول إسلامية مُتشددة عميقة، وكان يرى الإخوان هم الجماعة المُنظمة الوحيدة بما يكفي، وتنسجم بالشعوب العربية الشابة بما يكفي لتكون قادرة على تمكين هؤلاء القادة.  وفقًا للسفير الفرنسي السابق لدى الدوحة، مثلما كشفت الصحيفة الأمريكية.

فورين بوليسي، استمرت في كشف جرائم الإخوان التي ارتكبت في المنطقة بدعم قطري، ففي 2012  تعهدت قطر بدفع 250 مليون دولار لحماس، كما أرسل القطريون مليارات الدولارات وغاز طبيعي مجاني إلى الحكومة المصرية من أجل تدعيم رئيس الجمهورية الإخواني -آنذاك- محمد مرسي، والذي أُطيح به في يوليو 2013.

يقول السفير الأردني السابق لدى القاهرة، خلال تقرير المجلة الأمريكية، إن الجماعة استُخدمت بعض هذه الأموال في النهاية للمساعدة في تأسيس ألوية تابعة للإخوان، مثل حركة حسم ولواء الثورة، اللذان نفذا عدة اغتيالات تستهدف كبار القُضاة والجنرالات وضباط الأمن في القاهرة والإسكندرية، أثناء وبعد حكم مرسي.

قطر شاركت في تمويل وتوريد المتطرفين الإسلاميين إلى سوريا وليبيا؛ ففي سوريا موّلت بشكلٍ مباشر جبهة النصرة، كما استضافت بعض الإسلاميين الليبيين البارزين وموّلت أنصار الشريعة.  العلاقات القطرية-الإخوانية تخطت حدود الشرق الأوسط؛ ففي السنوات الأخيرة، اتُهمت الدوحة بمنح ما يزيد عن 175 مليون دولار لجماعات تابعة للإخوان في الدنمارك وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة.

أما داخل قطر، كشف تقرير فورين بوليسي عن تغلغل التأثير الإخواني في الإعلام القطري، فلطالما وفرت شبكة الجزيرة،  التي تملكها الحكومة القطرية، منصة عالمية لقادة الإخوان ولداعمي الإرهاب أمثال يوسف القرضاوي.

أثناء حرب العراق، لم تتوقف الشبكة عن بث مقاطع فيديو لقادة القاعدة يدعون فيها لانتهاج العنف ضد الولايات المتحدة. في العام الماضي، أذاعت الشبكة تأبينًا لعمر عبد الرحمن، المعروف باسم "الشيخ الضرير"، والذي كان قائد الجماعة الإسلامية، وهي جماعة إرهابية مصرية مسؤولة عن سقوط مئات القتلى، بما في ذلك مذبحة الأقصر عام 1997.

يُشكل الإخوان المُسلمون تهديدًا على المنطقة والولايات المتحدة معًا. كتب السفير البريطاني السابق لدى السعودية، جون جينكينز، عام 2017: "بالنسبة للسعوديين، أصبح الإخوان المُسلمون يُشلكون تهديدًا إيدولوجيًا عميقًا على أُسس دولتهم. بالنسبة إليهم، فهم منظمة سرية حزبية مُسببة للشقاق، ومُكرسة لتجديد الإسلام وفقًا لمفهومهم الخاص، وإقامة دولة إسلامية عابرة للحدود من خلال نشاط سياسي ثوري متزايد بشكل تدريجي، وباستخدام العنف التكتيكي إذا لزم الأمر". أما بالنسبة للولايات المُتحدة، فهذا "النشاط السياسي الثوري" يُمثل خطرًا داهمًا. إذا كانت غاية الإخوان بالفعل تأسيس مجتمع إسلامي مُتعصّب خالٍ من النفوذ الغربي، فهذا قد يكون مُدمرًا للوضع الاستراتيجي الأمريكي، وموقفها في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي بشكلٍ أوسع.

انتهى تقرير فورين بوليسي، مشيرًا إلى العلاقة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وقطر؛ حيث تستقر قاعدة العديد الجوية الأمريكية خارج الدوحة وتعمل كمركز قيادة للعمليات الأمريكية في أفغانستان والعراق وسوريا واليمن، ولكنها في نفس الوقت تُمثل الحامي الرئيسي لأمن قطر؛ لذلك على الرئيس ترامب أن يستغل أوراقه في الضغط على قطر.

إقرأ أيضًا
ذا إنڤيستيجيتيڤ چورنال: الدوحة مولت الإخوان في هولندا والاستخبارات حذرت من خطرهم

ذا إنڤيستيجيتيڤ چورنال: الدوحة مولت الإخوان في هولندا والاستخبارات حذرت من خطرهم

خلال الأعوام التالية لـ2008، بات واضحًا تركيز استراتيجية الإخوان على المدن الكبيرة، وخاصة أمستردام وروتردام؛ إذ ركزت الجماعة على الهولنديين الذين اعتنقوا الإسلام والجيل الثالث من المسلمين

ضاحي خلفان: إخوان اليمن يستمدون فتاوى الهجمات الانتحارية من القرضاوي

ضاحي خلفان: إخوان اليمن يستمدون فتاوى الهجمات الانتحارية من القرضاوي

تاريخ القرضاوي ملء بالفتاوى العدوانية الشاذة ومنها أنه أفتى بالقتال ضد القوات المسلحة والشرطة في مصر ووصف مؤيدي ثورة 30 يونيو بالخوارج