تعاني آلاف الأسر القطرية من استغلال متعمد، من قبل المراكز الصيفية الخاصة، التي تفرض رسومًا باهظة عليهم في مقابل خدمة متواضعة، وسط تواطئ رسمي وغياب كامل للدور الحكومي المفترض أن تؤديه وزارتي التعليم والثقافة في قطر، وهو ما دفع الكثير من أولياء الأمور بالمطالبة بضرورة تقنين وضع هذه المراكز، ومعاقبة المخالفين للقوانين فيها.
وذكر تقرير نشرته صحيفة الشرق القطرية، القريبة من نظام الحمدين أن المراكز الصيفية الخاصة تستغل الفرصة في رفع أسعارها معتمدة على إقبال الأسر على إلحاق أبنائهم بها نظرا لضعف البديل المتاح أمامهم، وتفرض رسوما باهظة ولا تهتم بالمادة العلمية التي تقدم للأطفال.
ويرى عدد من أولياء الأمور أن تلك المراكز تثقل كاهل الأسر خصوصا تلك التي لديها أكثر من طفل نتيجة لارتفاع أسعارها، مؤكدين أن المراكز الشبابية الحكومية التي تتوفر فيها خدمات موازية مجانية تعاني من إهمال جسيم وفشل في الإدارة.
وطالب الأهالي الجهات المعنية بضرورة إيجاد آليات من شأنها وضع ضوابط تلزم تلك المراكز بتحديد أسعارها وأن تكون هذه الأسعار متوافقة مع طبيعة ونوعية البرامج والأنشطة التي توفرها للأطفال.
واعتبر البعض أن عدم وجود بديل على مستوى عالي من الكفاءة في قطر يعد السبب الأبرز لإقبال الأسر على إلحاق أبنائهم بهذه المراكز على الرغم من دفع رسوم تكون عالية في بعض الأحيان.
ونبه أصحاب هذا الرأي إلى أن جزءا كبيرا من الرسوم التي تفرضها هذه المراكز على الأطفال نظير اشتراكهم يذهب في بند المصاريف الإدارية التي تتضمن استئجار مقر مناسب وتعيين موظفين مؤهلين إلى جانب استقطاب فريق من المشرفين المدربين للمشاركة في تقديم البرامج وجميعها أمور مكلفة للغاية.
وطالب المتضررون وزارة الثقافة والرياضة في حكومة تميم العار بتحمل مسؤولياتها تجاه المواطنين، واقترحوا أن تعقد الوزارة شراكة مع المراكز الصيفية الخاصة من أجل تقديم برامج وأنشطة تحت مظلة وإشراف الهيئات الحكومية، مشيرين إلى أن هذه الشراكة ستجعل البرامج المقدمة تتفق مع رؤية وتوجهات الوزارة وفي نفس الوقت توفر فرص تطور للمراكز الخاصة ورقابة على الأسعار.
في حين اتفق الفريقان على أن البديل لهذه المراكز ضعيف ولا يرقى إلى المستوى الذي تتطلع إليه الأسر، مطالبين الجهات المعنية إلى تطوير البرامج والأنشطة التي تقدمها المراكز الشبابية والتوعية بها.
وشددوا على ضرورة إيجاد مظلة موحدة لجميع الأنشطة والبرامج الصيفية تعمل على وضع خطة عامة لها بما يضمن أن تكون هذه البرامج هادفة وتعمل وفق رؤية موحدة.
وفي السياق أكد التربوي غانم الكواري أن تنوع أنشطة وبرامج المراكز الصيفية الخاصة هو الذي يدفع الأسر إلى إلحاق أبنائهم بها، مشيرا إلى أن إقبال الأسر على برامج وأنشطة المراكز الصيفية على الرغم من دفع مبالغ مالية مقارنة بالمراكز الشبابية المجانية.
وشدد على أن البرامج والأنشطة التي توفرها غالبية المراكز الصيفية الخاصة أفضل بكثير مقارنة بالبرامج المقدمة بالمراكز الشبابية الحكومية، مؤكدا أن ذلك السبب وراء إلحاق الأسر أبناءهم بها.
ولفت إلى أن المراكز الصيفية الخاصة تحصل على تراخيصها من وزارة التعليم والتعليم العالي، مشيرا إلى أن التعليم تتبع معايير ذات جودة عالية في هذا المجال، مضيفا "وهذه المراكز ربحية ومن ثم تقوم بتقديم برامج وأنشطة مميزة من أجل استقطاب أعداد أكبر من الشباب لتحقيق ربحية". وأردف قائلا "وهذه المراكز تعتمد على الترويج لبرامجها من خلال اختيار الأفضل منها".
واقترح أن تقوم وزارة الثقافة والرياضة بعقد شراكة مع المراكز الخاصة من أجل تقديم برامج وأنشطة تحت مظلة وإشراف الوزارة، مشيرا إلى أن هذه الشراكة ستجعل البرامج المقدمة تتفق مع رؤية وتوجهات الوزارة وفي نفس الوقت توفر فرص تطور للمراكز الخاصة.
وتحدثت الصحيفة مع عدد من المواطنين القطريين حول رسوم المراكز الباهظة، وقال سعيد خلف المهندي (مواطن قطري) إن ضعف المراكز الشبابية، وقلة عددها، وعدم اهتمام حكومة تميم بها يدفعان الأسر إلى إلحاق أبنائهم بالمراكز الخاصة، موضحا أن العديد من المناطق بالدولة ليس لديها مراكز شبابية.
وشدد على وجود قصور في توعية الأسر بالأنشطة والبرامج التي توفرها المراكز الشبابية، موضحا أن المراكز الخاصة تنجح في الترويج لأنشطتها وبرامجها من خلال أعضائها.
ونبه إلى أن المراكز الخاصة تملأ الفراغ الذي تتركه المراكز الشبابية الحكومية، بسبب عدم اهتمام الجهات المعنية بالبرامج التي تقدم للشباب، وانتشار الفساد في القطاعات التابعة لوزارة الثقافة والرياضة.
وأشار إلى أن المراكز الخاصة تعتمد على قانون السوق العرض والطلب ومن ثم تحدد رسوم الاشتراك بها، مضيف أن الحل الوحيد هو زيادة أعداد المراكز الشبابية وتطوير برامجها من تلبية طموحات وتطلعات الأسر والأبناء".
ومن جهتها قالت مريم ناصر مواطنة قطرية إن أسعار المراكز والأندية الصيفية المخصصة للأطفال مرتفعة نوعا ما ولا ترتقي إلى جودة الخدمات التي تقدمها.
وأكدت أن هناك عددا من الأسر لديها أكثر من طفل في أعمار صغيرة تقريبا من 3 ولغاية 11 عاما وبالتالي فهي تضطر لدفع مبالغ مالية كبيرة لقاء عدد محدود من الأنشطة الترفيهية.
وأشارت في السياق ذاته إلى أن هناك بعض الأندية والمراكز لا تستقبل الأطفال بشكل يومي ولكن فقط يومين أو 3 أيام في الأسبوع وأيضا يكون السعر مبالغا فيه.
وأوضحت أن هناك مراكز شبابية تقع تحت مظلة حكومية تستقبل الأطفال مجانا أو بأسعار رمزية. وطالبت مريم بضرورة وضع ضوابط للمراكز الخاصة وإلزامها بتحديد الأسعار لأن هناك تفاوتا واضحا في السعر وأيضا بضرورة تنويع وتجويد الخدمات التي تقدمها وخاصة خلال الإجازة الصيفية حتى لا يتحول فصل الصيف إلى موسم للاستغلال ورفع الأسعار.
رأت فاطمة الكبيسي مواطنة قطرية أن هناك العديد من المراكز والأندية الصيفية التي تقدم أنشطتها للأطفال خلال فترة الصيف ولكن هناك بعض المراكز تبالغ بأسعارها بشكل كبير بحيث لا يتناسب حجم الخدمات المقدمة مع قيمة الأسعار المفروضة بالتالي يجب أن يكون هناك نوع من أنواع الرقابة على هذه المراكز حتى يكون هناك توازن ما بين القيمة المدفوعة من الأهالي وبين الخدمات الترفيهية المقدمة للأطفال. وأشارت إلى أن معظم ما يتم تقديمه للأطفال عبارة عن دورات في الرسم والفنون اليدوية وتعليم القراءة واللغة ولا ترقى هذه الخدمات لمستوى الطموح. وقالت يجب أن يكون هناك مراعاة للأهالي وخاصة خلال فصل الصيف.
وأكدت أن بعض المراكز تستقبل الأطفال لمدة يومين أو 3 فقط وعلى الرغم من ذلك تكون أسعارها مرتفعة جدا مقارنة بالمراكز التي تقع تحت مظلة جهات حكومية. وطالبت الكبيسي بضرورة تنويع وتجويد الخدمات وتقديم نشاطات رياضية وترفيهية متنوعة ترتقي بقيمة المبلغ الذي تطلبه.
وفي سياق متصل أكد حمد الكبيسي انه يوجد عدد من الجهات بالدولة سواء من الأندية المختلفة او اسباير، وغيرها والتي لديهم أنشطة وفعاليات بأسعار رمزية أو مجانية، خاصة وأنهم بالفعل لديهم برامج هادفة تسعى لتطوير مهارات الطلاب والأبناء، مشيرا إلى ان العديد من أولياء الأمور بحاجة لمزيد من التوعوية، عن عدم الانسياق وراء المراكز الخاصة والتي تسوق لمعسكرات خارجية ورحلات، بأسعار خيالية، حتى ان التكلفة للطفل الواحد تصل إلى آلاف الريالات.