وصل الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني إلى حكم قطر عبر الانقلاب على ابن عمه الأمير الشرعي الشيخ أحمد بن علي آل ثاني في العام 1972، ومنذ هذا التاريخ أبعد الشيخ خليفة أفراد الأسرة الحاكمة عنه، كما اتخذ إجراءات مشددة لمنع الانقلاب عليه من داخل الأسرة الحاكمة، لكن الإجراءات التي أثبتت فعاليتها في مواجهة أبناء الأسرة الحاكمة، تهاوت تماما عندما تلقت طعنة من الخلف، فلم يتصور الشيخ خليفة أن يأتيه خطر الانقلاب من ولده وولي عهده الأمير حمد بن خليفة، فاليوم تمر الذكرى الـ 22 لانقلاب الابن على والده.
تأكد الشيخ خليفة من نجاعة قراراته في قمع أبناء الأسرة الحاكمة في قطر، ومهد لتثبيت وراثة الحكم في ذريته، باختياره لولده حمد وليا للعهد منذ العام 1977، كما عينه في منصب وزير الدفاع، منذ هذا التاريخ والشيخ خليفة يظن أنه في مأمن من أن يطاله خطر الانقلاب لكنه كان واهما إلى أقصى حد، فابنه وولي عهده الأمير حمد طال عليه فترة حكم والده وبدأ يخطط في السر للإطاحة بوالده بمعاونة بعض أبناء الأسرة الحاكمة في قطر.
وفي 27 يونيو العام 1995، أعد الأمير الابن احتفالية ضخمة لوداع والده الشيخ حمد بن خليفة، الذي توجه إلى أوروبا في رحلة استجمام، ونقلت شاشات التلفاز حمد وهو ينحني ليطبع قبلة على يد الأمير الأب في مطار الدوحة، لكن ما أن غادرت طائرة الأمير الوالد حتى بدأ الابن الغادر في تفعيل مخططه بمساندة زوجته موزة المسند ومساعده حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني.
في صبيحة اليوم التالي قطع التليفزيون القطري البث لإعلان البيان رقم واحد، وتضمن عرضا لوجهاء المشيخة وهم يقدمون البيعة للشيخ حمد بن خليفة، دون صوت، ثم ألقى حمد بيانا قصيرا أعلن فيه الإطاحة بوالده وتوليه مقاليد الحكم في الإمارة الخليجية الصغيرة، لم يعلم الأمير الوالد بالانقلاب إلا عبر التليفزيون، وقيل وقتها أن الأمير حمد عمد إلى تزوير وقائع مبايعة وجهاء قطر له، إذ تم استدعائهم وقام التليفزيون بتصويرهم وهم يسلمون على الأمير حمد دون معرفة ما يحاك في الخفاء.
لم يلق الشيخ خليفة بالسلاح أمام والده، بل بدأ في العمل على عودته إلى الحكم بتأييد بعض الدول العربية للشرعية، وكان تولى حمد بن خليفة قد أثار استياء واسع داخل الأسرة الحاكمة، خاصة أنه أبدى ميوله الواضحة لزوجته موزة المسند، وولديه منها؛ جاسم وتميم، ما أغضب بقية أبنائه الذين رغبوا في عودة جدهم إلى الحكم مرة أخرى لوقف نفوذ الشيخة موزة، لذلك شارك الشيخ فهد؛ نجل حمد الأكبر، في محاولة انقلابية على والده لصالح جده الشيخ خليفة في العام 1996، لكن المحاولة فشلت ليظل الأمير الوالد في منفاه خارج قطر متنقلا بين عدد من البلدان حتى عاد إلى قطر العام 2004، للمشاركة في تشييع جثمان إحدى زوجاته، بعدها توارى الشيخ خليفة وسط حديث عن وجوده تحت الإقامة الجبرية حتى وفاته في أكتوبر 2016.