30 عاماً من الغدر القطري بالسعودية
في الوقت الذي يحاول الإعلام القطري، تصدير خطاب المظلومية والاستضعاف، بعد قرار السعودية ومصر والإمارات والبحرين، بقطع العلاقات مع الدوحة نتيجة إصرارها على اتباع سياسات دعم الإرهاب في المنطقة العربية، وبث خطاب إعلامي عبر فضائية الجزيرة يُحض على الكراهية والعنف وتأليب الشعوب العربية على حكامها، تتناسى الدوحة أن المملكة العربية السعودية لم تتخذ تلك القرارات إلا بعد نفاذ صبرها بعد فشل جميع محاولات ردع قطر عن طريق الغي والضلال الذي تنتهجه.
السعودية حاولت التهدئة أكثر من مرة عبر مبادرات على مدار ثلاثة عقود من الزمان، الدوحة منذ تسعينيات القرن الماضي 1992، وتحديداً الفترة التي شهدت انقلاب الأمير السابق حمد بن خليفة على والده، وهي تنتهج سياسات معادية للرياض، لكن الدوحة تجاهلت مناشدة دول الخليج لها ولم تلتزم باتفاقيات الصلح والتهدئة التي تمت في مجلس التعاون الخليجي.
ولطالما حرصت السعودية على وحدة البيت الخليجي والحفاظ على تماسكه، إلا أن قطر أبت إلا أن تستمر في سياستها المشبوهة بإيواء عناصر تم إدراجها إرهابية من حكوماتها بعد ثبوت ضلوعهم في عمليات إرهاب وعنف، لذلك لم تكن المملكة السعودية لترغب أن تؤول الأوضاع في التجاوزات القطرية إلى هذا المستوى من العجرفة والتكبر.
اللافت أن وسائل الإعلام القطرية تبنت خلال الأيام الماضية خطاب إعلامي روج إلى أن القرارات العربية الأخيرة تستهدف تجويع الشعب القطري وعقابه على مساندة المظلومين وإيواء المستضعفين، إلا أن مملكة البحرين سارعت على لسان وزير خارجيتها الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، توضيح مدى حقيقة الادعاءات القطرية بالحصار والتجويع، إذ وصف في تدوينة عبر موقع "تويتر" تلك الادعاءات بـ"الباطلة" و"غير الصحيحة"، مؤكداً، أن الإجراءات التي اتخذتها بلاده، سيادية، لحماية أمنها وسلامتها، مع مراعاة العلاقات الأسرية بين الشعب الواحد.
ولقطر تاريخ مُتخم بالغدر والنكوث بالعهود والإلتزامات تجاه دول الخليج، فالتوتر الذي يطبع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وجارتها قطر ليس وليد اليوم، فهو يعود إلى ما قبل استقلال الإمارة عن بريطانيا في عام 1971، وطوال تلك الفترة كان يتم تصريف الأزمات بين البلدين في عدة ملفات عبر قنوات مختلفة.التآمر القطري
والخلاف بين السعودية وقطر بدأ منذ أزمة ترسيم الحدود سنة 1992، لتتصاعد الخلافات بسبب السياسات القطرية في المنطقة منذ استيلاء الأمير السابق حمد بن خليفة على الحكم، إثر انقلابه على والده، إذ تعززت رغبة قطر في البروز دوليا حتى ولو على حساب دول المنطقة والثوابت التاريخية.
وكان إنشاء قطر لفضائية الجزيرة بداية تدشين مرحلة من السياسات العدائية تجاه دول المنطقة، فقد أثارت الفضائية غضب السعودية أكثر من مرة، بتطرقها لمواضيع تخص الشأن السعودي الداخلي، فضلاً عن كون الفضائية كانت دائمة استضافة المعارضين للمملكة، فكان الرد السعودي في عام 2002 حيث قررت المملكة السعودية سحب سفيرها من الدوحة احتجاجا على أحد برامجها.
كما أشارت العديد من التقارير، إلى أن قطر عملت على التحالف والتنسيق مع أعداء المملكة العربية السعودية، حيث قامت قطر بالتنسيق مع دول أظهرت عداء ملحوظا للسعودية من بينها ليبيا القذافي.
نكوث بالعهود
وحرصاً من السعودية على وحدة البيت الخليجي، أعطت دول الخليج قطر فرصة مراجعة مواقفها وذلك خلال عام 2013 وسلمت الرياض قطر عدة التزامات طالبتها بتنفيذها خلال 90 يوما، ولكنها لم تلتزم.
في عام 2014، جرت محاولة جديدة لعودة قطر وكف أذاها عن دول الجوار وعقد في فبراير 2014 بالكويت، اجتماع بحضور أمير الكويت وأمير قطر ووزراء الخارجية. ووضع فيه اتفاق تكميلي، لكن الدوحة كعادتها لم تلتزم به واستمرت في نهجها، ما نتج عنه اجتماع وزراء خارجية دول المجلس في شهر مارس من نفس العام بالرياض. وقررت السعودية والإمارات والبحرين سحب سفرائها من قطر.
وعلى الرغم من أن العاهل السعودي الملك سلمان بدأ صفحة جديدة في 2015 وأعاد العلاقات مع قطر، لكن ممارسات الدوحة وانتهاكاتها لم تتوقف.
فقمة القمة العربية الإسلامية الأمريكية في 2017، عكست مدى إصرار الدوحة على التغريد منفردة بعيداً عن السرب الخليجي، وانتهاج سياسات معادية للمنطقة، إذ جاء الخروج المبكر للوفد القطري قبل انتهاء الحفل، وهجوم في اليوم التالي على السعودية عبر وسائل إعلام تابعة لقطر، ليُبث بعدها خطاب تميم بن حمد عبر وكالة الأنباء القطرية هاجم فيه السعودية، لتكون بداية النهاية للمخطط التخريبي لقطر في المنطقة.
التحولات الجديدة تجاه السياسة القطرية لم تتخذها السعودية إلا بعد أن بلغت الأزمة عنق الزجاجة، وفشلت كل محاولات الردع، وأصبح الحديث عن ازدواجية اللعب على خلق المعارضات السياسية٬ والتمرد على الخط السياسي العام لدول الخليج٬ حديثاً رائجاً ومشاعاً؛ كل ذلك كان تحولات تستلزم على المستوى السياسي دفع أثمان قد تكون باهظة ومكلفة قد تنوء بحملها السياسة القطرية٬ ما لم تهرع إلى طوق النجاة الخليجي.