2 يونيو 2019

عام على تصريحات "الباكر" العنصرية تجاه النساء.. العار لا زال يلاحق طيران الحمدين

رغم مرور عام على التصريح العنصري للرئيس التنفيذي للخطوط الجوية القطرية، أكبر الباكر، حول المرأة، لا يزال الرأي العام الدولي مصدوما، ليس لما يحمله من استخفاف فقط، وإنما لما يتضمنه من نظرة استعلائية، واحتقار للمرأة.

وفي مطلع يونيو 2018 خرج أكبر الباكر بتصريح قال فيه إنه لا يمكن لامرأة أن تقوم بمهام وظيفته،  لا يمكن لامرأة أن تشغل منصبا كبيرا في قطاع الطيران "مثل منصبه"، مشيرا إلى أنه يمكن للرجل فقط أن يرتقي لتحديات هذه الوظيفة.

تبعت تصريحات المسؤول القطري المقرب من تميم العار انتقادات لاذعة، فيما دعا تنفيذيون صناعة الطيران لوضع ما تتشدق به عن التنوع البشري موضع التنفيذ والعمل على تقليل أعداد المضيفات وزيادة أعداد النساء في المناصب الإدارية.

جاء ذلك تزامنا مع عقد الاتحاد الدولي للنقل الجوي اجتماعه السنوي الـ75 في العاصمة الكورية الجنوبية سول اليوم الأحد، حيث اجتمع كبار مسؤولي قطاع الطيران حول العالم لمناقشة سبل التغلب على التحديات في القطاع.

لكن أكبر الباكر عاد بعد يوم من ذلك وتدارك خطأه الفادح الذي وصف فيه النساء بالجدات واعتبرهم سببا في تدهور الخدمة، حيث ذهب "لتقديم اعتذارته القلبية" وادعى أن وسائل الإعلام تناقلت تصريحاته "بصورة مُثيرة"، وذكر أن التنوع بين الجنسين يبقى داخل قطاع شركات الطيران موضوعًا ساخنًا.

ورغم أن أكبر الباكر اعتذر عما بدر منه في اجتماع الاتحاد الدولي للنقل الجوي "إياتا" العام الماضي في سيدني، وادعى كذبا أن كلامه كان مزحة اقتطعت من سياقها، أن عدد من صناع النقل الجوي سلطوا الضوء على الجدل الذي أثاره غياب النساء عن المناصب العليا في صناعة الطيران.

كريستوفر لوكسون الرئيس التنفيذي لشركة طيران نيوزيلندا، انتقد تصريحات الباكر، قائلا إنه من الضروري اتخاذ إجراءات ملموسة، مثل رفض المشاركة في المحادثات التي يكون كل المشاركين فيها من الرجال وإنشاء شبكات لدعم النساء.

وقال لرويترز على هامش الاجتماع "بالمقارنة مع قطاعات أخرى وقطاعات أعمال أخرى أشارك فيها في مختلف أنحاء العالم وفي نيوزيلندا فإن سجل صناعة الطيران وإياتا مروع، من حيث المساواة بين الجنسين والشمول".

وأضاف "نحن نتشدق بها الآن فقط ونعمل على تجميل الأمر ولا نحسن أداء مهمتنا إذا كنا فعلا صادقين مع أنفسنا"، في إشارة إلى إطلاق أكبر الكابر الرئيس التنفيذي لخطوط قطر الجوية مسابقة يدعى أنها لتعزيز التنوّع والدمج بين الجنسين، لتدارك تحيزه ضد المرأة.

ولا يزال الرجال يهيمنون على المناصب القيادية في صناعة الطيران، إذ لا يوجد سوى امرأتان فقط في منصب الرئيس التنفيذي في مجلس محافظي إياتا المؤلف من 27 عضوا برئاسة الباكر.

وقد قالت إحداهما وهي كريستين أورمييه ويدينيه الرئيسة التنفيذية لشركة فلاي بي، إنها ستستقيل من منصبها في 15 يوليو، بعد أن تستحوذ شركة كونكت إيرويز على الشركة.

واعترف الكسندر دو جونياك الأمين العام لإياتا، قائلا: "من الواضح أن هذه الصناعة لها عموما سجل طيب من حيث تشغيل النساء. لكن هذا ليس هو الحال على مستوى المناصب العليا".

وأضاف أن إياتا تعمل مع شركاء الصناعة، لتعميم أفضل الممارسات والمساعدة في تشكيل استراتيجية تتعلق بالتنوع البشري، فيما يتعلق بالجنسين، لقياس ما يتحقق من تقدم على أساسها.

وقالت كريستين كولفيل الرئيسة التنفيذية لتحالف سكاي تيم لشركات الطيران، إن بمقدور إياتا بذل المزيد في الاجتماع السنوي، مثل استضافة إفطار للتعارف بهدف الترويج لدور المرأة في عالم الطيران.

ورغم أن تحسن صناعة الطيران جذب المرأة لشغل بعض الوظائف، مثل مجال الضيافة ووكلاء السفر، إلا أن الأعداد أقل كثيرا بين الطيارين والوظائف الهندسية.

وفي الهند، صاحبة أعلى معدل لتشغيل النساء في قيادة الطائرات في العالم عند 12%، رغم أن الهيمنة للرجل في المجتمع، حددت شركة سبايس جيت لنفسها هدفا لزيادة النسبة إلى 33% في السنوات القليلة المقبلة حسب ما قاله رئيسها أجاي سينغ في سول.

وأضاف "ليس أمرا لطيفا في الواقع استهداف نسبة 33 في المئة، فالوضع المثالي أن يكون أي شخص يتمتع بالقدرة" هو من يشغل الوظيفة.

وتابع "لكني أعتقد أن التمييز الإيجابي يفيد في فترات من الزمن، وأعتقد أن هؤلاء النساء في بلاد مثل بلادنا يصبحن قدوة رائعة للفتيات".

كما قال لوكسون إن شركة طيران نيوزيلندا حددت أهدافا وتتطلع لزيادة عدد النساء في وظائف الإدارة العليا إلى 40 في المئة بحلول عام 2020 من 16 في المئة في 2013.

وأضاف "حققنا ذلك في العام الماضي. والنسبة عندنا الآن 43 في المئة ونحن بسبيلنا للوصول إلى 50 في المئة العام المقبل وربما بنهاية العام الجاري".

ورغم أن تصريحات الباكر ربما لا تعبّر عن قناعة شخصية، لكنه في نفس الوقت يؤكد ويترجم معضلة مؤسسات رسمية، وسياسة دولة تمارس التمييز الجنسي والنوعي بحق نسائها.

فتصريحات الباكر لم تكن سوى ترجمة لنمط فكري رسمي يحتكم إلى صناعة الوعي المحدود، التي تتبناها الدوحة منذ عقود، لتنتج سلسلة لا متناهية من الفكر العنصري ضد المرأة، وتقزيم دور الأخيرة، بشكل يصبح فيها هذا الأمر من صميم الوعي الروتيني والعادي للمواطن القطري.

والأسوأ أن المرأة بهذا البلد، تجد نفسها، مجبرة على الخضوع، بل قد تقبل بذلك طوعا، بعد أن "تشبّعت" بشحنة "نقص" رافقت مسار تعليمها وحياتها.

وتكررت خلال الآونة الأخيرة تصريحات أكبر الباكر العنصرية، ليس في حق النساء فقط، إنما أيضا في حق الأشقاء العرب، إذ خرج أكبر الباكر - الذي يشغل أيضا بجانب المدير التنفيذي للخطوط الجوية القطرية، منصب آخر هو أمين عام المجلس الوطني للسياحة في الدوحة - على الملأ واصفا المصريين بأنهم "أعداء"، وأن بلاده لن تعطي تأشيرات لهم، كاشفا عن وجه تنظيم الحمدين العنصري.

اقرأ في الموقع
إقرأ أيضًا