ناشيونال ريفيو: الجزيرة تكتب فصلا آخر من فصول تاريخها القبيح
بينما تُعرف قناة الجزيرة القطرية الناطقة بالإنجليزية، في الولايات المتحدة من خلال شعارها "الخبرة، التمكين، المشاركة"، أظهرت القناة التي تعد بوقا لظام الحمدين، الـسبوع الماضي، حقيقة معدنها، على خلفية إنتاج مقطع مصور- تم حذفه فيما بعد - عن محرقة اليهود "الهولوكوست".
وفي تقرير لها، فضحت "ناشيونال ريفيو" أسلوب الجزيرة في التعاطي مع واقعة الهولوكوست، ما كشف فصلا جديد من فصول تاريخها القبيح.
ورضخت شبكة الجزيرة الإعلامية القطرية أمام الغضب الإسرائيلي على الفيديو، لكن الأمر لم يكتفي بحذف مقطع الفيديو، بل امتد لإيقاف الصحافيين المنتجين للعمل ومعاقبتهم.
نُشر مقطع الفيديو الذي يمتد لـ17 دقيقة، والذي يحتوي على رواية لإمرأة، في 18 مايو على موقع "فيسبوك" مرفق بتعليق باللغة العربية، "لقد قتلت غرف الغاز ملايين اليهود، هذه هي القصة. ما هي حقيقة محرقة اليهود وكيف استفاد الصهاينة منها؟".
زعم الفيديو، أن حصيلة ضحايا الهولوكوست مبالغ فيها وأن "الحركة الصهيونية"، هي من تبنت الحادث، وإسرائيل كانت الفائز الأكبر من المحرقة، كما أن اليهود يستخدمون "الموارد المالية والمؤسسات الإعلامية" لتسليط الضوء بشكل خاص على معاناتهم، وفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
وذكرت شبكة الجزيرة في بيانها الصادر بعد حذف الفيديو، أن محتوى الفيديو تعارض مع "معايير القناة المهنية"، وأنها أوقفت اثنين من صحفييها عن العمل على خلفية إنتاج الفيديو، لكن الصحيفة تساءلت: "ما هي المعايير المهنية التي تشير إليها الشبكة؟ فهي تروج منذ نشأتها لمعاداة السامية، إلى جانب التطرف الإسلامي والخطاب المعادي للشيعة والدعاية القطرية".
في 1996، أُنشات قناة الجزيرة القطرية، التي يقع مقرها في العاصمة الدوحة، بفضل دفعة أموال بقيمة 137 مليون دولار من الشيخ حمد بن خليفة، أمير قطر آنذاك، وحتى اليوم يتم تمويلها من قبل العائلة المالكة القطرية.
وازدادت أهميتها بعد أحداث 11 سبتمبر والحروب في العراق وأفغانستان، وكانت منصة للإرهابيين مثل أسامة بن لادن، حيث بثت القناة خبر يعلن مسؤولية بن لادن عن الهجمات في أعقاب هجمات 11 سبتمبر، مما دفع الأستاذ والكاتب الراحل فؤاد عجمي إلى الذهاب إلى استوديو الشبكة في الدوحة والإبلاغ عن النتائج التي توصل إليها في قصة مجلة نيويورك تايمز، "ما يشاهده العالم الإسلامي":
(جاء في مفادها أن "القناة التي تدعي أن جمهورها العالمي يبلغ 35 مليون مشاهد ناطق باللغة العربية، ربما لا تكون قناة بن لادن الرسمية، ولكنه بالتأكيد هو نجمها، كما شاهدت خلال عرض مطول لبرامج المحطة في شهر أكتوبر، حيث أسندت إليه رسومات القناة دورًا قياديًا وأظهرته مرة جالسًا على سجادة و مدفع رشاش على حجره، كما رسمته على ظهر خيل في أفغانستان وكأنه الفارس الشجاع في العالم العربي، بالإضافة إلى ملصق ضخم لصورته معلقة على خلفية الاستوديو الرئيسي في مقر الجزيرة في العاصمة الدوحة").
وتابعت الصحيفة: "في نوفمبر 2001، بعد إعلانها مسؤولية بن لادن عن الهجمات، بثت الشبكة فيديو "حصري" آخر، ثم تبعته بفيديو ثالث. بعد 11 سبتمبر"، ما جعل الخبراء والمراقبون يتهمون الجزيرة في كثير من الأحيان بأنها لسان حال القاعدة.
وعلق المحلل الإعلامي المصري عبد اللطيف المناوي لموقع "أراب نيوز"، قائلا إن تغطية الجزيرة للهجمات الإرهابية تعكس تحيزها، حيث تشير إلى تنظيمات كالقاعدة فقط على أنها "تم وصفها بالإرهابية" بدلا كونها إرهابية، كما عثرت القوات الأمريكية في إحدى دفاتر بن لادن بعد وفاته،على هتافا "الجزيرة، والحمد لله، تحمل راية الثورات".
كما دعمت قناة الجزيرة حركة طالبان، حيث جاء في تقرير لها في أكتوبر 2001، أنها سمحت للتنظيم بالتباهي بإسقاط طائرة هليكوبتر أمريكية في أفغانستان، كما قام مقاتل من طالبان بإعلان الهجوم والانتصار خطوة بخطوة.
ووصف العجمي هذا المقطع قائلا: "كان هناك دماء في مكان الحطام، مضيفا أنه يُجري البحث عن "رفات" أطقم الطائرات الأمريكية. مقاتل من طالبان يرتدي عمامة زرقاء لامعة، تحدث إلى الكاميرا بثقة وتحدي كبيرين، قال إن الصواريخ الأمريكية وقنابلها لن تهزم طالبان، قائلاً "إذا كان الأمريكيون رجالاً، فسيأتون إلى هنا ويقاتلون على الأرض. سنفعل لهم ما فعلناه مع البريطانيين والروس "، وأضاف مقاتل آخر بثقة مماثلة "الله سبحانه وتعالى سوف يمنحنا النصر"".
وذكر العجمي أن لطالما كانت معاداة أمريكا تخصصًا آخر لقناة الجزيرة. لم تشكك الشبكة في مزاعم مقاتل طالبان وفشلت في إثبات أن رواية البنتاجون للأحداث قد تحطمت فيها المروحية بسبب عطل ميكانيكي، وليس بسبب نيران طالبان. كما وصفت الهجمات الانتحارية ضد القوات الأمريكية في العراق بأنها "هجمات فدائية" أو "عمليات الفردوس".
تشير صحيفة ""ناشيونال ريفيو" إلى أن الجزيرة عرضت أيضًا برامج حوارية مثل الشريعة والحياة، وخلال البرنامج، الذي يقوم فيه داعية بإجراء مكالمات من الضيوف، يمكن للمرء أن يتخيل أنواع المحادثات التي تلت ذلك، حيث وصف العجمي رد داعية على متصل من الدنمارك يقترح أن يتحد العالم الإسلامي لتشكيل دولة إسلامية واحدة، وأن الإسلام "هو التحدي الوحيد للرأسمالية العالمية، الأمل الوحيد بعد قرن رأسمالي أسود":
وحظرت كلا من الولايات المتحدة وبريطانيا، يوسف القرضاوي، مقدم البرنامج السابق، بسبب آرائه المتطرفة والتي تشمل مدح أدولف هتلر والتأكيد على أن قتل الجنود الأمريكيين هو "واجب ديني".
وفي يوليو 2008، أقامت قناة الجزيرة العربية، حفلاً لسمير القنطار، وهو رجل لبناني قتل ثلاثة إسرائيليين من بينهم فتاة تبلغ من العمر أربع سنوات في عام 1979، وذلك بعد إعادته إلى الوطن في تبادل للأسرى بين إسرائيل وحزب الله.
وقال غسان بن جدو، رئيس مكتب الجزيرة في بيروت، أثناء الحفل الذي بثته القناة "الأخ سمير، نود أن نحتفل معكم"، واعتذر وضاح خنفر، مدير عام الجزيرة آنذاك، عن الحادث، حيث كتب في رسالة مفادها أن البث ينتهك قواعد أخلاقيات الشبكة، كما أكد للجمهور أنه أمر مدير القناة في القناة باتخاذ تدابير تمنع وقوع حوادث مماثلة في المستقبل.
يتضح أنه أيا كانت التدابير التي اُتخذت - إن وجدت- فقد فشلت، كما ظهر في شريط فيديو نهاية الأسبوع الماضي، استمرار قناة الجزيرة الاعتماد على الأوساط التآمرية المعادية للسامية والخطابة الإسلامية في تأجيج النيران الطائفية في الشرق الأوسط.