كشف موقع تحقيقات استقصائية بريطاني عن تمويل قطري ضخم لأنشطة الإخوان في هولندا، مشيرا إلى تقاعس السلطات في أمستردام عن التجاوب مع تحذيرات الاستخبارات في البلاد لما عدته "خطر" الجماعة الإرهابية على الديمقراطية.
وكشف موقع "ذا إنڤيستيجيتيڤ چورنال" البريطاني تفاصيل عمليات التمويل الذي تلقته الإخوان في هولندا من تنظيم الحمدين الحاكم في الدوحة، الأمر الذي مكنه الجماعة الإرهابية خلال وقت قصير من شراء 4 عقارات في أمستردام وروتردام ولاهاي، بقيمة 5 ملايين يورو على الأقل.
وذكر الموقع خلال تحقيق أجراه رونالد ساندي المحلل السابق لدى الاستخبارات العسكرية الهولندية، أن الحكومة الهولندية لم يكن لديهم أي رد فعل على دخول جماعة الإخوان والجماعات المتطرفة الأخرى الممولة خارجيا والمناهضة للاندماج إلى البلاد، منتقدًا عدم الانتباه للأزمة الأمنية الكبيرة التي تواجهها البلاد ونقاط الضعف في سياسة مكافحة التطرف هناك.
كما أشار الموقع البريطاني إلى تحقيق أجرته المخابرات الهولندية (AIVD) عام 2010 بطلب من البرلمان بشأن جماعة الإخوان هناك، خلص إلى أن أنشطتهم، على المدى الطويل، تشكل خطرًا على النظام القانوني الديمقراطي في البلاد.
وذكر أنه خلال الأعوام التالية لـ2008، بات واضحًا تركيز استراتيجية الإخوان على المدن الكبيرة، وخاصة أمستردام وروتردام؛ إذ ركزت الجماعة على الهولنديين الذين اعتنقوا الإسلام والجيل الثالث من المسلمين الذين بالكاد يتحدثون العربية، وكانت المحاضرات والعظات تلقى باللغة الهولندية ويشارك بها محاضرون دوليون معروفون داخل الجماعة، مثل جمال البدي وحسين حلاوة، وكثيرًا ما كانوا يلقون محاضراتهم بالإنجليزية.
وفي حين أوضحت الحكومة الهولندية والاستخبارات خلال تقرير مقدم للبرلمان أن أعضاء جماعة الإخوان في البلاد يعملون بسرية ويناهضون الاندماج، سمحت لهم بالاضطلاع بمناصب مهمة.
وأشار الموقع إلى أن شباب المسلمين من الجيل الثاني يتحولون نحو التطرف، ورغم إبلاغ عائلاتهم عنهم للشرطة، لا يتم القيام بأي شيء، وكثيرون منهم انتهى بهم الحال في سوريا يقاتلون ضمن صفوف داعش.
وفي مسعى متأخر للتجاوب مع تلك المخاطر عينت المدينة أحد المدربين المشاركين ببرنامج مكافحة التطرف، وهو بلال لامراني، الذي تبين أنه هو نفسه أحد المتطرفين وكان على قائمة مرتبات المدينة لمدة عامين، ولاحقا تم توظيفه بين الحين والآخر رغم تقرير الاستخبارات الهولندية الذي رأته كـ"تهديد محتمل".
وكان لامراني عضوًا بالشبكة الهولندية الإرهابية "هوفشتاد" في منتصف الألفينيات، ثم دخل السجن لمدة 3 سنوات في فبراير 2006، في تهم تتعلق بالإرهاب، وأثناء وجوده في السجن، أعرب عن رغبته في تفجير نفسه بمكان يوجد به كثير من الناس، وشجع السجناء الآخرين على أن يحذو حذوه.
وبعد إطلاق سراحه عام 2008، خضع لأحد برامج القضاء على التطرف، لكن هذا لم يؤتِ ثماره على ما يبدو؛ إذ عادة ما كان يتحدث عن عدم إيمانه بتلك البرامج.
وتم استخدام لامراني للمساعدة في برامج القضاء على نزعة التطرف لدى الشباب، رغم أن المدينة لم تتأكد أبدًا من معتقداته، وبالتالي جعله هذا الأمر قادرًا على تجنيد المتطرفين، بحسب الموقع البريطاني.
كما كان لامراني جزءًا من اجتماعات دورية مع الشرطة تناقش فيها الإجراءات المرتقبة؛ لذا مكنه ذلك من تحذير دائرته من عمليات التفتيش ومداهمات الشرطة وغيرها من الإجراءات التي قد تعيق المتطرفين العاملين معه.
ورغم إطلاقه حملة خلال الأشهر الأخيرة لتهديد أشخاص حاولوا التحذير من خطره، لم تتخذ شرطة أمستردام إجراء.
وفيما مولت المدينة رحلة "خيرية" للامراني إلى الأردن، لا يعرف أي شيء عن أنشطته أثناء وجوده هناك وربما يكون قد عبر إلى سوريا، هذا ولا يزال لامراني على تواصل مع سمير عزوز، العضو الآخر بشبكة "هوفشتاد"، الذي لا تزال الاستخبارات الهولندية تراه تهديدا خطيرا.